كل يوم

الناس تريد حلولاً..

سامي الريامي

الناس تريد حلولاً، ولا مانع لديها من تقديم بعض التنازلات، مراعاة منها لظروف الأزمة المالية التي عصفت بالسوق العقارية في جميع دول العالم، والإمارات ليست استثناء بكل تأكيد من هذه الأزمة، لكن هناك فرق كبير بين تقديم تنازلات مقبولة، وبين خسارة كل شيء، ليست خسارة فقط، بل يصل الأمر إلى تعنت وإذلال من قبل شركات عقارية، تريد الحصول على كل حقوقها من دون أن تعطي المستثمرين أدنى حقوقهم.

ما يحدث غريب جداً، وما يفاقم المشكلة عدم وجود جهة جادة لأخذ حقوق الناس، فالشركات مازالت لها اليد الطولى في كل شيء، على الرغم من عجزها عن الإيفاء بوعودها، وإنجازها المشروعات التي باعتها بالكامل، وتسلّمت أموالها من الناس، ورغم كل شيء إلا أنها مازالت تمارس ضغوطها في فرض قوانينها الخاصة، التي هي بالضرورة ضد حقوق الناس وطلباتهم المشروعة.

القانون الوحيد الواجب الالتزام به والانصياع له هو القانون العام في الدولة، الذي يعتبر ما يحدث مخالفاً، وغير صحيح، ويعارض حقوق الناس، بوصفهم مستهلكين، وليسوا مجرد هدف لجشع الشركات، وأعني تلك التي تعاند كل قانون ومنطق، وتقبض ثمن أحلام الناس في منزل لايزال في خيال من رسمه، أو على قطعة ورق.

قد نجد العذر لبعض الشركات في استمرار تداعيات الأزمة، وفي شح السيولة، وامتناع بعض البنوك عن تمويل تلك المشروعات، لكن هذا لا يعني أبداً تجاهل شكاوى المستثمرين، الذين يجدون أنفسهم اليوم معاقبين من قبل هذه الشركات على ذنب واحد اقترفوه، هو ثقتهم التي منحوها تلك الشركات، بناء على حجم أسمائها، وها هم اليوم يدفعون ضريبة الثقة في هذه الأسماء!

تجاهل تام، وفي معظم الأحيان يضيع الشاكي بين أقسام الاستقبال وخدمة العملاء في الشركة، أوتهرّب المسؤولين، وغياب جهة قوية يمكن اللجوء إليها، وصعوبة التوجه إلى المحاكم، فالخسائر يمكن أن تتضاعف مع «أتعاب» محامين ورسوم تقاضٍ، وإجراءات مختلفة، وتالياً الحسرة والكمد، والرضوخ لشروط تلك الشركات التعسفية في كثير من الأحيان، والاستسلام التام لها، تطبيقاً للقول الشهير «ايش جابرك على المر»!

لابد من حلول، ولابد من الالتفات إلى شكاوى المستثمرين والناس، ولابد لهذه الشركات أن تسعى إلى إيجاد تسويات مرضية لكل الأطراف، ومثل ما يطالب بعضها الناس بتقديم تنازلات كبيرة، عليها أيضاً أن تقدم تنازلات أكبر، وتسهيلات أكثر، فمن غير المقبول أن تستمر شركة في احتساب أسعار وحداتها العقارية المتمثلة في شقق سكنية بعيدة عن المدينة، بأسعار سنوات الطفرة العقارية ذاتها، في حين أن سعرها الحقيقي اليوم هو أقل بـ 70٪ تقريباً، بل إن سعر شراء فيلا سكنية فخمة في مناطق حيوية أرخص بكثير من هذه الشقة الصغيرة، أليس في ذلك ظلم واضح لهؤلاء الناس؟!

وإن اختلفنا على مثل هذه الحالة، فكيف سنختلف على قيام شركة عقارية ببيع مشروع في منطقة حيوية إلى مستثمرين، ومن ثم بيع المشروع ذاته إلى شركة عقارية أخرى، التي أعلنت لاحقاً عدم استطاعتها تنفيذ المشروع، وعدم مسؤوليتها أيضاً عن إعادة أموال الناس إليهم، أيحدث مثل ذلك في الإمارات؟! لا يمكن طبعاً تصديق ذلك!

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر