هوامش

دور « حماية المستهلك » في الحدّ من الاحتكار

د.هاشم النعيمي

يعني الاحتكار في المفهوم الاقتصادي، وجود بائع واحد، أو عدد قليل من البائعين، أو مشترٍ واحد، أو عدد قليل من المشترين في السوق، يمارسون احتكار السلع أو الخدمات. والاحتكار وفق المفهوم الفقهي الإسلامي هو حبس مال، أو منعه، أو الامتناع عن بيعه، أو بدله، حتى بغلو سعره غلاءً فاحشاً غير معتاد، بسبب قلته، أو انعدام وجوده، مع شدة حاجة الناس أو الدولة، أو الحيوان إليه. نصت المادة رقم (4) من القانون الاتحادي رقم 24 لسنة 2006 في شأن حماية المستهلك، على أن من مهام إدارة حماية المستهلك، العمل على تحقيق مبدأ المنافسة، ومحاربة الاحتكار. كما نصت المادة رقم (14) على ما يلي: (لا يجوز لأي مزود إخفاء أي سلعة، أو الامتناع عن بيعها، بقصد التحكم في سعر السوق، أو أن يفرض شراء كميات معينة منها، أو شراء سلع أخرى معها، أو يتقاضى ثمناً أعلى من ثمنها الذي تم الإعلان عنه). ويلاحظ من نص هذه المادة، أن الاحتكار يتمثل في الصور التالية: العمل على إخفاء السلع تربصاً لغلائها، والامتناع عن بيع السلع للتحكم في السعر، وامتناع التاجر عن بيع سلعة ما، إلا إذا اشتُري معها سلعة أخرى، وقد تكون هذه السلعة كاسدة، فيبرر بهذا الأسلوب التخلص منها، على الرغم من عدم حاجة المشتري إليها، وأخيراً، رفض التاجر البيع بالسعر المحدد، يجبر المشتري على الشراء بسعر أعلى. ولذلك، فإن فقهاء الشريعة الإسلامية لم يترددوا في إعلان الحكم الشرعي الصارم في حق الاحتكار والمحتكرين، لأنه نوع من أنواع الظلم الذي يلحق الناس جميعاً، ونوع من أنواع أكل أموال الناس بالباطل.

لقد تضمن الباب السادس من أبواب القانون، النص على العقوبات التي تقع على من يخالف أحكامه، وتنوعت العقوبات على النحو التالي: الغرامة المالية، والمصادرة، وإتلاف المنتج محل الجريمة والمواد والأدوات المستخدمة فيه، وإعطاء الوزير صلاحية منع المنشأة التي تخالف أحكام القانون من مزاولة نشاطها مؤقتاً، وإحالة الأمر إلى القضاء، وللمحكمة إصدار القرار بشأن إغلاق المنشأة المخالفة، والتصرف في السلع التي تمت فيها المخالفة. ويؤكد أستاذ الفقه في جامعة الشارقة، الأستاذ الدكتور ماجد أبورخيه، أن مثل هذه العقوبات ضرورية لحماية المستهلك، لأن الحق الذي لا تدعمه سلطة القانون حق ضائع، والقانون إذا لم يكن له مؤيدات، لا يعدو أن يكون حبراً على ورق. ولقد تكلم الفقهاء بإسهاب عن العقوبات التي يعرضها الحاكم على المحتكرين لضمان حصارهم، وكبح جماحهم. ورفع أذاهم عن عامة الناس، ومنها: إصدار الأوامر للمحتكرين ببيع ما احتكروه، والمصادرة في حال رفض المحتكرين بيع السلع المحتكرة، وإحراق السلع المحتكرة، وهي من عقوبات الإتلاف. لقد اهتمت حكومة الإمارات اهتماماً كبيراً بحماية المستهلكين، وأصدرت القانون رقم (7) لسنة 2011 بتعديل أحكام القانون الاتحادي رقم (24) لسنة 2006 في شأن حماية المستهلك، إذ تم تغليظ العقوبات على المزودين من المستغلين والمحتكرين، ورفعت سقف العقوبات الأعلى، ليصل إلى نحو مليون درهم في حال مخالفته أحكام بعض فقرات هذا القانون، كما حدد القانون رقم (7) الغرامة التي لا تقل عن 5000 درهم، ولا تجاوز 100 ألف درهم، في حال مخالفته أي حكم آخر من أحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له ومضاعفة هذه الغرامات في حال معاودة ارتكاب المخالفة ذاتها خلال سنة واحدة.

مدير إدارة حماية المستهلك

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر