أقول لكم

محمد يوسف

قبل أن تصحو أوروبا من مذبحة ذلك المتطرف اليميني النرويجي فاجأتها أحداث شوارع بريطانيا، واكتشف الأوروبيون أنهم لا يعيشون في مدن فاضلة، بل مثلهم مثل الآخرين، مثل أولئك الذين يعيبون عليهم تطرفهم، وأولئك الذين يتهمونهم بالتمييز والاستبداد وكبت الحريات، أولئك الذين أسسوا لهم منظمات دولية لمراقبتهم، وسيروا جيوشاً للحد من بطشهم، وفتحوا أبوابهم لكل من قال إنه معارض ليكشف أسرارهم!

أوروبا اليوم تدرس ظاهرة الفاشية الجديدة، ففي كل بلد تقريباً هناك حزب يميني عنصري متطرف يستقطب المؤيدين ويكبر ويفوز بمقاعد في البرلمان، وبعض هذه الأحزاب أصبح شريكاً في الحكم، وقد لا تمر سنوات طويلة إلا ويكون اليمين حاكماً في معظم دول أوروبا، واليمين بفكر أندريس بيرينغ - بريفيك يعني معاداة الإسلام وجميع المهاجرين، وحتى يلفت النظر لا يتردد في قتل أبناء وطنه، فكان استهدافه لمبنى الحكومة وشباب الحزب الحاكم بمعسكر التدريب، وهذه نظرة قريبة من نظرة «القاعدة» الذي استباح دماء المسلمين للفت الأنظار نحو القوات المحتلة في العراق أو الحكومات التي يناصبها العداء في الدول الأخرى، والتبريرات أيضاً شبه متطابقة، والفارق الوحيد حتى الآن أن «القاعدة» منح الأبرياء من المسلمين الذين يموتون في تفجيراته صكوك الغفران وأدخلهم الجنة مع الشهداء بفتاوى منظّريه، بينما المتطرف بيرينغ - بريفيك لم يصل إلى تلك المرحلة فاعتذر من أهالي كل الذين قتلهم!

وأوروبا اليوم تنظر إلى الفوارق الطبقية التي رسختها خلال العقود الأخيرة، والتي ظهرت جلية في تصريحات قادة التحركات الاحتجاجية في لندن وبرمنغهام ومانشستر وغيرها من مدن بريطانيا، فوارق زرعت حقداً في القلوب وأثمرت جيلاً يرفض التمييز والدونية، وقد ظهر أحدهم على قناة «سكاي نيوز» وهو يقارن ما بين حياته وحياة غيره، ويشير إلى المنازل على ضفتي نهر، يقول للمذيع «انظر إلى بيوتهم، وانظر إلى بيوتنا هناك، هم يعيشون في فلل ونحن نعيش في أكواخ، هم يدخلون الجامعات ونحن نترك في الشوارع، هم يحصلون على عمل ونحن نمنع من العمل، وتريدوننا أن نتوقف، سنتوقف ولكن بعد أن تزال كل هذه الفوارق»!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر