أقول لكم

محمد يوسف

السنة اثنا عشر شهراً، والفاشلون جعلوها شهراً واحداً، اختصروا السنة في 30 يوماً، وبعدها يعودون إلى ثلاث ساعات يومياً من البث المباشر الصباحي، والتي تتضمن بضع نصائح، وشيئاً من الاتصالات، ولقاء مع طبيب، وكم أغنية، وانتهت الفترة الصباحية بأذان الظهر وحديث، وربما برنامج طبخ، وإعادة، ثم إعادة، مع برنامج ثقافي عن الأمازون أو الأسكيمو، ومسلسل مكرر بعد الظهر، ثم إعادة لبرنامج من برامج الأمس، وفي المساء برنامج مباشر آخر ومسلسل معاد آخر، وإعادة، ثم إعادة.

هذه هي حال محطات التلفزيون، تبلّد واعتماد على الآخرين، ومن أراد أن يقدم شيئاً مجديا، فإما أن يكون باله طويلاً ونفسه أيضاً، وإما أن يكره اليوم الذي فكر فيه في أن يفكر، فالإدارات لا تريد أحداً يفكر، ولا تريد إنتاجاً يشغلهم عن سكينتهم وهدوئهم، لكن إذا جاءت إليهم مقدمة برامج لفظتها المحطات الأخرى بفكرة وقعوا معها بأسرع ما يمكن، وتتولى هي التقديم والإعداد والإخراج واستئجار الاستوديو، وعادة ما يكون خارج المنطقة، وتأتي حلقات البرنامج معلبة تفوح منها رائحة الاستهتار بعقولنا، وتتساقط من حولها الشبهات في تضارب المصالح وهدر الأموال.

بعض المحطات تفاخرت عندما قدمت شيئاً لفت أنظار المشاهدين، شيئاً واحداً، مثل نشرة الأخبار المحلية أو برنامج حواري يقدمه وجه وطني، لكنها لا تكرر النجاح، وعندما نتساءل نجد أن الإدارات الأجنبية هي التي تقف عائقاً بين الإبداع والعرض، والسبب معروف، وهو أن البرنامج المحلي الذي يعد في الاستوديوهات التابعة للقناة أو في مناطق البلاد وبكوادر وإنتاج من المحطة، هذه البرامج لا تحقق مصالح شخصية ومنافع لأولئك المتنفذين، هنا يكون الدرهم درهماً، أما ما ينتج بعيداً عن العيون فإن درهمه يكون درهمين أو ثلاثة، وربما يكون درهمه دولاراً، لهذا يموت إبداعنا، ويضحكون علينا بتكديس المسلسلات في شهر رمضان.

myousef_1@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر