أبواب

اليمن والسعادة المفقودة

علي العامري

يبدو أن هناك «جغرافيا ظالمة» مثلما هناك بشر ظالمون. وعلى الرغم مما يزخر به اليمن، الذي كان سعيدا في يوم من الأيام، إلا أن هناك ما يشبه «التعتيم» على تلك الجغرافيا التي تجتمع فيها روح العرب الأولى، خصوصا أن كثيرا من القبائل العربية خرجت من اليمن، وانتشرت في كثير من بقاع الأرض العربية. وكثيرا ما نسمع من عربي قوله إن أصول عائلته تعود إلى اليمن، ذلك البلد الذي ابتعدت عنه السعادة منذ زمن ليس قصيراً، إذ تتقارب نسبة الأمية والفقر لتصل إلى نحو 40٪، وفق إحصاءات عدة. وبالتالي هجرت السعادة تلك الجغرافيا المطلة على بحر العرب والبحر الأحمر، التي تزخر ببحر ثالث من النفط.

وتعد السياحة مصدرا مهماً في اليمن، إذ كان مهد كثير من الحضارات القديمة، والشواهد الأثرية منتشرة في كل الأرض اليمنية وتحتها أيضاً.

وفي إطار الثقافة يعد اليمن كنزاً حقيقيا، لكنه بعيد عن «الضوء»، حاله حال المواطن اليمني الذي عانى، ولايزال، «كساد» المعيشة والتجاهل والفقر والأمية وتدني «منسوب» الحرية.

وفي اليمن عدد كبير من المثقفين، منهم من وصلت صورته إلى القارئ العربي، مثل الشعراء محمد الزبيري وعبدالله البردوني وعبدالعزيز المقالح، وكذلك بعض الأسماء من الأجيال اللاحقة. ولكن، يبقى اليمن «قارة ثقافية شبه مجهولة» عربياً، وكذلك عالمياً، على الرغم من الحراك الثقافي الكبير الذي يشهده في مجالات الإبداع كافة، من الشعر والقصة والرواية، وكذلك في مجال الفنون، خصوصا في الفن التشكيلي والغناء، إذ يعد اليمن «أرض الموسيقى والألحان»، وكثير من الملحنين يستندون إلى تلك الموسيقى، لكن من دون ذكر مصدرها.

ولكن، هل يستعيد اليمن «سعادته المفقودة» منذ زمن طويل؟

وهل تستعيد شجرة البن مكانتها الأولى، بعدما غزت أشجار القات تلك الجغرافيا، نتيجة غياب الدعم عن مزارعي البن، كما يؤكد يمنيون؟ وهل يستعيد المواطن اليمني رغيفه وحريته وكتابه، بعدما غزته جحافل الفقر والأمية والتكتيم؟

ها هو الشعب اليمني يبدع أشكالاً جديدة للاحتجاج، ويخرج ثائراً في الشوارع والميادين، يقول كلمته بدم فصيح، ويقدم شهداء وجرحى في الطريق إلى «سعادته المفقودة».

alialameri@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر