كل يوم

هيئة للرقابة على المصارف

سامي الريامي

في عام 2003 تأسست الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في الدولة، هذه الهيئة ـ كما يعرف الجميع ـ تسعى إلى تنظيم قطاع الاتصالات، وتتلخص أهدافها في ضمان تأمين خدمات الاتصالات في جميع أنحاء الدولة، وإنجاز تحسين الخدمات في ما يتعلق بالنوعية والتنوع، وضمان نوعية الخدمات بما يتطابق مع شروط الرخصة من قبل المرخصين.

كما تهدف الهيئة إلى تشجيع خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات، والترويج لقطاع الاتصالات، وتطويره من خلال التدريب والتنمية وتأسيس مؤسسات تدريبية ذات صلة بالقطاع، بالإضافة إلى إيجاد الحلول للخلافات التي قد تطرأ بين المشغلين المرخصين.

أهداف واضحة سيجدها كل من يبحث عن معلومة تخص الهيئة على موقعها الإنترنتي، ولكن كثير منا لا يعرف أن الهيئة تراقب خدمات وعروض شركات الاتصالات، ولا يمكن لأي شركة طرح خدمة للجمهور من دون أخذ موافقة الهيئة، التي بدورها تدرس هذه الخدمة من كل الجوانب، فتعدّل عليها إن رأت في التعديل فائدة للمستهلك، وتقرها إن لم تجد فيها ما يمكن أن يُستغل ضد هذا المستهلك.

وفي الآونة الأخيرة لاحظنا متابعة المسؤولين في هيئة تنظيم الاتصالات كل الملاحظات والشكاوى، التي تُنشر من قبل القراء، عن شركات الاتصالات، والأمر لا يقف عند المتابعة، بل يقوم المسؤولون في الهيئة بتبني بعض القضايا التي يكون فيها ضرر واضح على المستهلك، ويحاولون إيجاد الحلول الفورية من الشركة صاحبة الخدمة.

هذا النموذج الناجح والرائع، ألا يقودنا إلى المطالبة بإنشاء هيئة شبيهة تُعنى بتنظيم قطاع المصارف والبنوك، فالتجربة العملية أثبتت أن هذا القطاع يعاني غياب الجهة التي يمكن أن تتدخل لحل مشكلات العملاء، وتراقب آلية العمل اليومية لهذه المصارف، وهذا الفراغ استغلته المصارف بشكل أمثل، فبالغت في فرض الرسوم، وبالغت أيضاً في مبالغ الرسوم، وهناك ممارسات وقوانين ولوائح يومية تصب جميعها في استحداث رسوم جديدة وبطرق أصبحت غير مبررة وغير مقبولة.

إنشاء الهيئة لا يتعارض أبداً مع قانون إنشاء المصرف المركزي، فهو يملك اختصاصات مختلفة نوعاً ما، وهو الجهة التي تُصدر السياسات المالية والنقدية وتُصدر النقد، ولديه كثير من الاختصاصات الإشرافية والرقابية، لكن هذه الاختصاصات بعيدة تماماً عن تعاملات الأفراد اليومية مع المصارف، وهو لا يتدخل إطلاقاً وفق قانون إنشائه بين المصرف والعميل، وبالتالي وجود هيئة تسد هذا الفراغ هو خيار أمثل حتى يتفرغ المصرف للسياسات العامة.

عموماً هذه الفكرة ليست اختراعاً، وهذه الهيئة بالفعل موجودة في كثير من الدول الأوروبية، والجميل أن من اختصاص هذه الهيئة في تلك الدول، فرض الرقابة على المصرف المركزي من جهة وعلى بقية المصارف والبنوك التجارية من جهة أخرى، فهي تراقب الجميع، وتحاسب الجميع، وتغرّم الجميع، في حالة وجود مخالفات، وهي تشرف بشكل مباشر على الرسوم التي تفرضها المصارف، فتوافق على المبرر منها وترفض غير المبرر، كما أنها في حالة الموافقة على فرض رسم معين تحدد السقف المعقول لمبلغ الرسم، ولا تترك مثل هذه الأمور للبنوك إطلاقاً، ومن أجل ذلك لا يمكن أبداً أن تسمع عن شهادة مديونية بـ500 درهم (100 يورو) في دولة مثل فرنسا مثلاً!

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر