كل يوم

دور سلبي وقانون قديم!

سامي الريامي

غياب رقابة «المصرف المركزي»، أو بالأحرى دوره السلبي تماماً، تجاه مظالم المودعين والمستثمرين المتضررين من إجراءات المصارف، هو أحد أهم الأسباب الواضحة لتعنت المصارف والبنوك، وتسلطها على أموال الناس، من خلال المبالغة في استحداث الرسوم وزيادتها في أي وقت من دون مبرر، والتحكم في سعر الفائدة الذي ترفعه متى شاءت، وتخفضه متى أرادت من دون تدخل أو ضوابط.

ولعل من المفارقات الغريبة، التي تثير مليون سؤال وسؤال، أن قانون إنشاء «المصرف المركزي» في الإمارات أقر في عام ،1980 ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا لم يجرِ تعديل على أي من بنوده، كما لم تضف أي مادة جديدة إليه، وبالتالي فهو مطبق وساري التنفيذ منذ 31 عاماً، من دون أي تغيير، فهل الوضع المالي والمصرفي في ذلك العام، هو ذاته الوضع المالي الحالي؟ وهل حجم وعدد المصارف قبل 31 عاماً، بقي من دون تغيير، وهل السيولة التي كانت متوافرة آنذاك هي ذاتها لم يجرِ عليها أي تغيير؟ وهل أيضاً عدد وحجم المتعاملين والمودعين هو ذاته؟ وهل هذه التطورات الكبيرة التي طرأت على الاقتصاد وعلى المال والأعمال وأعداد البشر، لا تستدعي أبداً إجراء تعديلات على القانون، لضمان تماشيه مع الواقع الجديد، أم أن القانون صالح لكل زمان ومكان؟

لست ضليعاً اقتصادياً، ولا خبيراً مالياً لرسم السياسات المالية والنقدية، لكن من حق الجميع أن يتساءل، عن دور «المصرف المركزي» في ما يحدث لعملاء المصارف والبنوك، وعن ماهية دوره في الرقابة على أعمال هذه المصارف وسياساتها التي تؤثر سلباً في المستثمرين والبسطاء على حد سواء، وهل ما أعلنه المصرف من عدم تدخله في مسائل فرض الرسوم على الخدمات أو زيادتها، أو النظر في شكاوى المتعاملين، أمر طبيعي يحدث في كل العالم؟!

لا أعتقد أن هذه السلبية متأصلة في عمل المصارف، أو البنوك المركزية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فالبنك المركزي الفيدرالي الأميركي يملك سلطة الإشراف على عمل البنوك، للتأكد من عدم اتباعها سياسة «احتيالية» أو «متهورة»!

وفي ألمانيا لا يقتصر دور البنك المركزي «البوندسبانك» على إصدار الرخص وإغلاق المؤسسات المالية، إن لزم الأمر، بل يقوم بإصدار التوجيهات واللوائح التنظيمية التي تنظم عمل البنوك، وتحدّ من الأخطار، وتضمن المنافسة «الشريفة» بين البنوك، كما يعمل على حل المشكلات في قطاع خدمات المؤسسات المصرفية والمالية، التي من شأنها تعريض العمل المصرفي المنظم للخطر، أو كل ما من شأنه التأثير في الأداء الاقتصادي ككل!

والأهم من ذلك كله، ما جرى في فرنسا العام الماضي، إذ فرضت دائرة تنظيم المنافسة بين البنوك، التابعة للحكومة الفرنسية، غرامات مالية بلغ مجموعها 384.9 مليون يورو، على 11 بنكاً، لأنها تواطأت أثناء التحول إلى نظام رقمي جديد يتعلق بصرف الشيكات، وتقاضت رسوماً «غير مبررة»!

وفرضت الهيئة أيضاً غرامات على تلك البنوك، بلغت 3.8 ملايين يورو، لأنها فرضت «من دون وجه حق» رسمين إضافيين على ما زعمت أنها «خدمات ذات صلة» كانت تحصلها، وقالت «الهيئة»، في قرارها، إن مستوى هذه الرسوم لا يتناسب، بالمطلق، مع التكاليف التي تتحملها البنوك، وأمرت بمراجعتها على أن يتم الاستشهاد عند التعديل بأقل كلفة يفرضها بنك ناجح!

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر