كل يوم

قطاع يعيش الفوضى!

سامي الريامي

أودعت مواطنة مليون درهم في محفظة عقارية تابعة لمصرف إسلامي كبير في الدولة، بهدف الاستثمار طبعاً، وعندما أرادت سحب هذه الوديعة، أبلغها المصرف بأن المبلغ أصبح 200 ألف درهم فقط، أما الـ800 ألف درهم فقد تمت خسارتها في المحفظة، هكذا بكل سهولة وبساطة!

دعونا نتساءل: ماذا لو كانت هذه الحادثة حدثت بشكل معاكس، بمعنى أن مواطنة أو مواطناً اقترض من مصرف مليون درهم وخسرها في تجارة أو عقار أو أسهم، هل يمكن لها، أو له، أن يذهب إلى إدارة المصرف، ويشكرها ومن ثم يقدم اعتذاره عن عدم قدرته على سداد القرض بسبب خسارته، وينتهي الأمر بكل هذه البساطة؟!

بكل تأكيد السجن هو مصير كل من يتعثر في سداد قرض مصرفي، وبكل تأكيد لا يوجد اعتراض على ذلك، فأموال المصارف هي في نهاية الأمر أموال مودعين، ومن واجب الجهات الأمنية مساعدة البنوك في المحافظة عليها، وفي مقابل ذلك فإن العدالة تقتضي أيضاً وجود جهات رسمية تنصف المودعين وتقف في صفهم في حال تعرضوا للسرقة من قبل المصارف.

نعم إنها سرقة، لكنها سرقة محترمة من قبل مصرف كبير مرخص وله فروع عدة ومكاتب فخمة، وهذا ما يفرقه عن بقية المحافظ الوهمية التي سمعنا عنها كثيراً، وحذرت الجهات الأمنية الناس من المشاركة فيها، السلوك هو ذاته، واستباحة أموال الناس هي ذاتها، والفرق أن المحافظ الوهمية يديرها أفراد يمكن تقديم شكوى عليهم، والزج بهم في السجن، ومحفظة المصارف تديرها بنوك لا يمكن الشكوى عليها، ولا يمكن زج الموظف، الذي يخدع العملاء بعقود إذعان طويلة الفقرات والبنود، في السجن!

شكاوى العملاء والمودعين على المصارف لا تنتهي، ومع ذلك لم يتحرك أحد لرد مظالم الناس وحقوقهم. لم يتحرك أحد لأن قطاع البنوك من القطاعات التي لا يوجد من يحاسبها ويراقب سلوكها، هناك المصرف المركزي، ألكنه، وفق ما أعلن أخيراً، غير معني بشكاوى العملاء، وغير معني بآلية العمل اليومية، ودوره يقتصر على سن التشريعات والقوانين المنظمة لتراخيص العمل، أما مصرف يفرض رسوماً مبالَغاً فيها، وآخر يقتطع بشكل مباشر مبالغ من عملائه من دون حق، وثالث يخسر 800 ألف من أموال مواطنة بسيطة، فالمصرف المركزي أكبر من ذلك ولا علاقة له بذلك!

لن أبالغ في وصف القطاع بأنه يمر بمرحلة فوضى حقيقية، فهناك كثيرون غيري من المتعاملين معه يؤكدون ذلك، أولو كان هناك من مسؤولي المصرف المركزي من يتابع ما تم نشره في الآونة الأخيرة عن الأمور المتعلقة بشكاوى الناس، وما يتعرضون له من استغلال وضغط وظلم من المصارف، لما رفع المصرف المركزي يده عن البنوك وجعلهم في طغيانهم يعمهون!

ما يجري من ممارسات سلبية لن تضر المواطنين البسطاء فقط، بل الضرر سينتقل إلى اقتصاد البلد بشكل عام، والسمعة التي بدأت تنتشر عن المصارف خصوصاً الوطنية، أو حتى تلك التي تدعي أنها إسلامية، وهي في الواقع أسوأ من الأخرى، سمعة سلبية للغاية تحد من اقبال المستثمر وتعاملاته، وبالتالي هناك ضرر سيقع على الاقتصاد جراء هذه الممارسات غير المسؤولة من هذه المصارف، فهل نجد مستقبلاً جهة مسؤولة تستطيع تصويب هذه الأخطاء في هذا القطاع الحيوي المهم؟!

 reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر