من المجالس

عادل محمد الراشد

هل تتخيل أن تكون في «مجلس فريج» تتبادل أطراف الحديث مع جيرانك باللغة الإنجليزية؟ يبدأ المجلس بتبادل التحايا على طريقة «هاي» و«هلو»، ثم ينتقل الحديث عن السوق والأسعار، والمنتخب الذي ترك الحظ كل منتخبات آسيا و«حط راسه براسه» حالفاً بالطلاق إذا سجل إسماعيل ورفاقه ولو هدفاً واحداً، ثم خادمة (بوعبدالله) الشاردة، و«دريول» بوسالم الذي رمى عليه يمين الفراق إلى إحدى شركات التاكسي بعد أن اكتشف، أخيراً، قرار تعديل نظام الكفيل. ثم ينفض المجلس بعبارة الوداع الشهيرة «سي يو ليتر غايز»؟

بالمنطق الذي يحدث في بعض الدوائر والهيئات والشركات الحكومية يمكن أن يكون ما سبق هو المرحلة الآتية، أما الآن فإن الاستعراض بالرطانة يحدث داخل أروقة العمل استعداداً لما هو آت. ماذا يعني أن يجتمع عدد من المديرين والموظفين، وكلهم من العرب، وأغلبهم يلبسون الزي الوطني، وتكون «الرمسة» في الاجتماع باللغة الإنجليزية؟ هل هذه هي النقلة النوعية التي كانت تنقص دوائرنا ومؤسساتنا لتحاكي المعايير الدولية في الجودة والخدمة فائقة التميز؟ وهل يعني إعلان البراءة مما تحت السفرة والعقال وداخل الكندورة هو العالمية التي يرددها البعض من دون أن يفهم معناها؟ بعض هؤلاء «المتفذلكين» فقدوا البوصلة، وظنوا أن تخرّجهم في إحدى الجامعات الأجنبية هو آخر مطاف المجد، وبعضهم مأخوذ بالموضة ومنجرف بقوة التيار، وبعضهم الآخر يجد نفسه مضطراً لكي لا يكون شاذاً بين الحاضرين أو متهماً بعدم إجادة اللغة الإنجليزية، وبالتالي عدم الصلاحية للاستمرار في وظيفته، فيؤثر السلامة بليّ لسانه «بأكسنت» أميركي مبين. خلل أصاب الفكر، وعندما يختل الفكر يختل الفهم وتسيطر الرعشة على العقول والألسن وسائر الجوارح. ولعلاج هذا الوباء الذي يتجاهل الدستور ومواقف القيادة العليا وقرار مجلس الوزراء بتمكين اللغة العربية في جميع الاستخدامات الرسمية، لابد من وقفة تذكّر المصابين بدائه بأن التميز والتقدم لا يعنيان الوقوع في وحل الدونية. وهذا يحتاج إلى إجراءات صارمة لا تقبل الالتفاف تحت أي حجة واهية.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر