من المجالس

خريجون يرفضون الوظيفة!

عادل محمد الراشد

عندنا خريجون يبحثون عن وظائف، ويقفون في طوابير العاطلين، وفي المقابل عندنا وظائف تبحث عن خريجين، ولكنها تُواجه بتمنع من الخريج. معادلة غريبة ولكنها ليست عصية على الفهم، ففي ظل غياب ثقافة واضحة للعمل تغيب معها الرؤية عن أغلب الشباب تجاه المستقبل ويبقى التفكير مركزا على الحاضر، وعلى الراتب خصوصا، وهذا القصر في النظر هو الذي يُبقي الكثير من شبابنا الخريجين في قوائم العاطلين، بسبب رفضهم الانخراط في وظيفة ربما لا يكون أجرها في بداية المشوار الوظيفي مثل أجر الوظيفة الحكومية، ولكنه يبشر بمستقبل واعد في الراتب، واكتساب الخبرة، والتدرج في المناصب بشكل يفوق الوضع في الوظيفة الحكومية. هذه الثقافة العليلة هي توأم الثقافة الاستهلاكية التي تبحث دائما عن فائض في الدخل يلبي الرغبات الاستهلاكية وليست الحاجات الاستهلاكية، والرغبات في تصاعد لا حدود لها، إلى درجة يصبح فيها بدء الحياة العملية بسيارة «إكس 5»، أو «بورشه» من المسلمات التي يتشارك فيها معظم أصحاب العظام الطرية، ويصبح اقتناء حقيبة يد «ديور»، أو «غوتشي» جزءاً من ميزانية الشهر للمقبلات الجديدات على الوظيفة، لذلك أصبحت الـ20 ألف درهم راتباً غير مناسب لخريج يرى «ربيعه»، الذي تخرج معه يتلقى أكثر من 30 ألف درهم في دائرة حكومية. هو خلل في التفكير أصله خلل في الوضع العام والبيئة التي يتأثر بها الشباب. دور البيت الصانع والمؤسس لثقافة الحياة تَرَاجَعَ إلى درجة كاد أن يسلم فيها الأبناء للشارع و«الكوفي شوب» ليشكلوا فيه نمط تفكيرهم، ودور المدرسة لايزال ينحصر في توزيع الشهادات والتشجيع على تحقيق النسب العالية، وكأنها آخر المطاف في رسم طموح وخطط الطالب، أما هياكل الرواتب فهي مائلة ومميلة ومنحازة، تشجع الشباب على الهروب من الوظائف التي تربي الخريج على الإنتاج والانضباط، وتفتح آفاق تفكيره، وتكتشف مهاراته إلى الوظائف الحكومية التي لايزال أغلبها يُنسي الخريج ما تعلمه في الجامعة أو الكلية ويضيفه عددا لا عدة على الرغم مما يقال للاستهلاك عن التدريب والتأهيل.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر