من المجالس

بصمة التعليم

عادل محمد الراشد

شابأ «كشخة» تبدو على هيئته صفة متعلّم، دخل بسيارته مسرعاً موقف السيارات الخاص بمدرسة ابنته من المكان المخصص للخروج، في وقت كانت السيارات تصطف في طريقها لمغادرة الموقف من المكان الذي أصر أخونا على الاقتحام منه. تمنيت في تلك اللحظة أن أكون شرطي مرور، لكي أمارس حق المجتمع في مخالفة ذلك الأب غير المثالي، وأن أغمر «كندورته» البيضاء بكل النقاط السوداء لتستوي مع لون سيارته، لا لأنه خالف ولم يكن بينه وبين المدخل المسموح للموقف غير أمتار قليلة فحسب، وإنما لأن الرجل فعل فعلته وكانت بصحبته ابنته التي ألحقها بمدرسة نموذجية لتكون تلميذة ومواطنة وإنسانة نموذجية، يجب أن تتلقى التعليم والتربية من لدنه قبل المدرسة.

ما أجرأنا على التنظير وإطلاق التوجيهات إلى أهل التربية والتعليم، وما أسرع هجومنا على المعلم والمعلمة، وتعليق كل أمراضنا على أكتاف المسؤولين، وما أعجزنا عن فعل ما نطالب الآخرين بفعله، نطالب المعلم بأن يكون مثاليا وصبورا مع عشرات الاطفال، ونعجز عن أن نكون كذلك مع أطفالنا ولو بلحظة صبر والتزام ووعي بأن التربية بالسلوك تكون أقوى من التربية بالمواعظ أضعاف المرات.

هذا الأب (السائق) ربما يكون من أكثر الناس طيبة وقربا من أطفاله، وأنجح الناس وظيفة، وهو لاشك أب حريص على إيصال ابنته بنفسه، ولكنه بلا شك لم يكن حريصاً على أن يكون القدوة التي تبدأ أبجديات سلوكيات ابنته من عنده.

التعليم يصنع حضارة، والحضارةأ تصنع سلوكا، وربما كانت مخالفة مرورية بسيطة أبلغ تعبيراً من مردود التعليم، ليكون صناعة إنسان قبل أن يكون هيئة ذلك الإنسان.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر