كل يوم

السرطان بحاجة إلى مواجهة

سامي الريامي

إنشاء مستشفى للأمراض السرطانية في دبي خطوة مهمة وضرورية لمكافحة هذا المرض الغامض، الذي بدأ في السنوات القليلة الماضية يتصاعد، ويصبح من أكثر الأسباب التي تزهق أرواح المواطنين والمقيمين في الدولة، خصوصاً أن الوضع الحالي لمكافحة السرطان لا يعتبر كافياً أبداً، مقارنة بعدد الحالات وصعوبتها، فالدولة لا تملك إلا مستشفى وحيداً متخصصاً في معالجة الأورام السرطانية، هو مستشفى «توام»، الذي بدأ يعاني ضغطاً شديداً، بسبب الحالات المتزايدة التي يستقبلها، إضافة إلى قسم بسيط في مستشفى دبي لا يعتبر كافياً، ولا يفي بالغرض ربما!

مشكلة انتشار مرض السرطان تتفاقم يوماً بعد يوم، ونحن في الإمارات لا نملك إحصاءات وأرقاماً دقيقة عن الحالات المصابة بهذا المرض، لكننا نستشعر جميعاً خطورته بشكل واضح، من خلال كثرة المتوفين بسببه، وبالتأكيد هذا لا يكفي لمكافحة انتشار المرض، إن لم تتحرك الجهات الرسمية لرصده وبحث مسبباته، ونشر ثقافة الوقاية منه.

قبل سنوات عدة كان هناك مركز متخصص للسجل السرطاني، يرصد ويسجل الحالات، ويصدر الإحصاءات والأرقام بشكل سنوي، لكنه فجأة توقف عن ذلك، فاختفت الإحصاءات والأرقام، وتوقف المركز عن العمل، وغادره أطباؤه إلى مستشفيات القطاع الخاص!

في دراسة حديثة أجراها المركز العربي للدراسات الجينية، أحد مراكز جائزة الشيخ حمدان بن راشد للعلوم الطبية، تبين أن مرض السرطان أصبح ثالث سبب للوفاة في الإمارات، بعد أمراض القلب والحوادث.

وقالت الدراسة إن هناك ارتفاعاً مستمراً في أعداد المصابين بأمراض السرطان في الإمارات على مدار الـ30 عاماً الماضية، معلنةً أن الأطفال المصابين بهذا المرض يشكلون 9.5٪ من مجموع حالات الإصابة.

نتيجة الدراسة لا شك أنها مقلقة، لكن المقلق أكثر هو الغموض المحيط بهذا المرض، وعدم وجود مركز أبحاث متخصص في الدولة يزيد من غموض السرطان وخطورته، صحيح أننا نحتاج إلى مراكز ومستشفيات متخصصة لمعالجة الأورام، لكننا نحتاج أيضاً إلى مركز أبحاث يعطينا مؤشرات تجعلنا قادرين على مكافحة المرض ومواجهته.

فالدراسات على سبيل المثال أكدت أن سرطان البروستاتا هو ثاني أعلى معدل إصابة بالسرطان بين الرجال الإماراتيين، وسرطان الخلايا الليمفاوية الحاد هو الأكثر انتشاراً بين الأطفال، وسرطان الثدي عند النساء. لكن معرفة هذه الحقائق وحدها غير كافية لمكافحة المرض، بل هذه المعلومات تحتاج إلى بحث وتحليل، لمعرفة التفاصيل الصغيرة والكبيرة كافة، وهذا هو دور المراكز البحثية التي تعتبر الخط الأول للتوعية والتثقيف ونشر المعلومات، والخطوات الأساسية لطرق الوقاية المثلى، وهي جرس الإنذار، والمؤشر العام الذي يحرك الجهود الطبية الأخرى كافة، بشكل صحيح ومثالي.

من الممكن جداً التقليل من خطورة السرطان، وهو كما يرى بعض الأطباء لم يعد من الأمراض الميؤوس من شفائها، لكن للوصول إلى هذه النتيجة نحتاج إلى جهود مضاعفة، تبدأ من الفرد نفسه، ومدى حرصه على الاهتمام بالفحوص الأولية في أوقاتها المناسبة، ومن عائلة مريض السرطان لمساعدته على التكيف مع المرض ومقاومته والتغلب عليه، وقبل ذلك من الجهات الطبية التي يجب أن تركز حملاتها وجهودها لمكافحة انتشار المرض بطرق أكثر فاعلية.

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر