5 دقائق

« إنجليزي ده يا مرسي »

ميره القاسم

جاء في الأثر أن «الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها».

«زين».. هل ما تفعله وزارة التربية والتعليم من تغيير للمناهج بين فترة وأخرى من باب الحكمة التي هي ضالة المؤمن، أم أن الأمر في مجمله محاولة لتقليد الغرب ليس إلا؟

الراسخون في علوم التربية يميلون إلى رؤية الأمر سعياً إلى امتلاك أسباب مواكبة العصر، والراسخون في علم الاجتماع والفلسفة يرون أن الأمر لا يعدو كونه محاولة لتقليد الغرب في كل شيء. لكن ماذا عن الراسخين في «علم» وزارة التربية والتعليم نفسها؟ كيف يفسرون التغييرات الدائمة في المناهج وسلوكها في هذا التغيير؟

هل الأمر كله في فكر وزير يذهب ووزير يأتي ليغير ما فعل سابقه؟

أعتقد أن الأمر أكبر من ذلك وأكثر تعقيداً، وأظن - والله أعلم - أن وزارة التربية لا تمتلك ما يكفي من الصبر لرؤية النتائج التي تبحث عن تحقيقها، على الرغم من أن القائمين عليها هم أقدر وأكثر من يعرف أن التغيير في المجالات الإنسانية لا يتم بين ليلة وضحاها، وأن المبالغة في استسراع النتائج لا يعود بالضرر إلا على الطلاب والعملية التعليمية، وبالتالي على المجتمع كله.

لكن.. هل مناهجنا فعلاً في حاجة إلى تغيير؟

نعم، علينا أن نتحلى بالجرأة ونعترف بأن في مناهجنا ما ينبغي تغييره، لكن هذا «المطلوب تغييره» هو ما يتعلق بالعلوم والمعارف الإنسانية والجغرافيا والتاريخ والمنطق وغيرها، ولا حاجة إلى اعتبار الموضوع كله مرتبطاً بمنهج التربية الإسلامية فقط، هذه ملاحظة حتى لا يُساء الفهم ويعتقد بعضهم أنني مع تغيير المناهج على إطلاقها. والآن لنفترض أننا اتفقنا على ضرورة تغيير المناهج، مَن الذي يستطيع الجزم بأن المشكلة في المناهج؟ والسؤال الأهم: لماذا لم يأتِ تغيير المناهج طوال هذه السنوات بنتائج تذكر، ولم يتغير واقع المخرجات التعليمية؟ المشكلة في رأيي ليست في المناهج فقط، بل في طريقة التدريس التي يتم اتباعها في مدارسنا وجامعاتنا.

المشكلة في التلقين وحشو المعلومات والحفظ وتغييب ملكات التحليل النقدي والتفسير والفهم والقياس، وغيرها من أصول التفكير العلمي، وأيضاً في البيئة التعليمية بمدرسيها وطلابها وموجهيها وبما توفّره للطالب من إمكانات للتفوق. ومع ذلك، وعلى الرغم من أن طلابنا لا يتقنون العربية أساساً بشكل جيد تحدث الطامة الكبرى، ويأتي قرار تدريس المناهج باللغة الإنجليزية! وهنا أتحدث عن المدارس الحكومية فقط، هل سأل القائمون على هذا القرار أنفسهم هذه الأسئلة: كم طالباً يتقن الإنجليزية أصلاً؟ وكم طالباً يستطيع الدراسة بالإنجليزية؟ كيف يبرز الطالب في مادة لا يفهم اللغة التي يدرسها بها؟ وأي مخرجات تُنتظر من تدريس كهذا؟ وأخيراً، هل هذه هي الطريقة المثلى لجعل المخرجات التعليمية (خريجون وخريجات) ذوي كفاءة لسوق العمل، وقادرين على المنافسة؟.. أشك في ذلك.. ابحثوا عن المشكلة في مكان آخر.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر