أبواب

المحلي قبل الدولي

سالم حميد

انتقدتُ عبر هذا العمود قبل عامين مسرحية بعنوان «أفا» لمسرح دبا الحصن، لأنها تحكي عن بادية الإمارات، ولكن الممثلين كانوا يتحدثون بلهجة بادية بلاد الشام، فخرجت غاضباً بعد بضع دقائق من بداية العرض وأبديتُ امتعاضي، متسائلاً أن هناك فرقاً كبيراً بين لهجة بادية الإمارات وبادية الشام، وكان بإمكانهم الاستعانة بمدقق محلي ليعين الممثلين على النطق السليم للهجة باديتنا. وتكرر الموقف معي في عرض مسرحية «زايد والحلم» الأخير في دبي، التي لم أشاهدها مسبقاً في أبوظبي، وخرجت من المسرحية بعد بضع دقائق، وتساؤلي هنا: ما علاقة الدبكة اللبنانية بالتراث الإماراتي؟ وما علاقة الملابس التراثية اللبنانية باللباس الإماراتي؟ صحيح أن الرقصات اللبنانية جميلة ومبهرة، وطورها مسرح كركلا على نحو لافت، ولكن كان يُفترض على الجهة المنتجة أن تستحدث رقصات إماراتية بالتعاون مع مسرح كركلا، ولم يكن كافياً وجود بعض الإماراتيين بملابسهم التقليدية على الهامش خلف الراقصين اللبنانيين الأساسيين.

لا تنظيم يعلو على أي تنظيم لأية فعالية تنظمها الإمارات، هكذا تعودنا، خصوصاً بعد افتتاح الدورة السابعة لمهرجان دبي السينمائي الدولي، فهي فرصة لمشاهدة أفلام متنوعة من مختلف الدول غير الناطقة تحديداً بالإنجليزية، ولا أنكر أنني سعيد بمشاهدة هذه الأفلام المتعددة الثقافات، ولكن التساؤل هنا: هل دولة مثل الإمارات بحاجة إلى تنظيم مهرجانات سينمائية دولية باهظة التكاليف، بينما دول أخرى لا تستطيع تنظيم مهرجانات دولية لكنها تحصد الجوائز عالمياً مثل السينما الإيرانية والتركية؟ وبإلقاء نظرة على التجربة السينمائية الإيرانية نجد أنها تُعد اليوم السينما الوطنية الأولى على مستوى العالم، فخلال الـ20 سنة الماضية استطاعت السينما الإيرانية أن تبرز نفسها في المحافل والمهرجانات الدولية، محققة أعلى الرتب والجوائز على الرغم من ظروفها السياسية المتخبطة، لكنها نجحت لأنها بدأت طريقها السينمائي بشكل صحيح على الصعيدين التعليمي والرسمي، فهي تمتلك المؤسسات التعليمية القادرة على تأهيل الفرد سينمائياً ومسرحياً وموسيقياً ، وتمتلك وزارة ثقافة صريحة تعمل بكل تفانٍ على تهيئة الأرضية السينمائية في البلاد.

أين الفيلم الإماراتي؟ حتى يومنا هذا لايزال معظم السينمائيين الإماراتيين يصورون أفلامهم بكاميرات «اش دي» بسيطة تناسب الهواة، والمشكلة لن تُحل بمجرد استخدام كاميرات 35 ملليمتراً، فهي ليست معضلة، إنما قدرة المخرج الإماراتي على إدارة عمليات الإنتاج بشكل احترافي وبميزانية معقولة؛ نحن بحاجة إلى مهرجانات سينمائية تُقام على مستوى محلي وإقليمي، ولعل تجربة مسابقة «أفلام من الإمارات» تجربة ناجحة، وكذلك مسابقة «المُهر» من دون إقحام صفة الدولية فيها، وما ننفقه لتنظيم المهرجانات الدولية بإمكاننا استغلاله لإنتاج فيلمين إماراتيين على الأقل في العام الواحد بمواصفات سينمائية قياسية، فالمهرجانات المحلية والإقليمية هي ما تسهم في خلق جيل سينمائي محلي واعد، أما الدولية فلم يحن موعدها بعد، والأغرب أننا لم نكتف في الإمارات بمهرجان دولي واحد بل اثنين!

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر