سلامة الغذاء وحماية المستهلك

د.هاشم النعيمي

تلعب الأجهزة الرقابية المحلية والاتحادية في الدولة دوراً مهماً في مراقبة وضمان سلامة الغذاء وصحته، وتبذل جهوداً كبيرة لضمان تطبيق معايير الجودة التي وضعتها، وتحقيق المواصفات المطلوبة في مختلف أنواع الأغذية المتداولة في الأسواق، إضافة إلى تحديد اشتراطات صحية صارمة تؤمّن السلامة الصحيحة لتداول هذه الأغذية أو إيصالها إلى المستهلك بشكل آمن وسليم.

وأكدت المادة رقم «10» من القانون الاتحادي رقم «24» لسنة 2006 في شأن حماية المستهلك ضرورة مطابقة السلعة للمواصفات القياسية المعتمدة وقواعد الصحة العامة والسلامة، إذ نصت على أن يضمن المزود مطابقة السلعة أو الخدمة التي يزود بها المستهلك للمواصفات القياسية المعتمدة المعلن عنها، كما يسأل عن عدم التقيد بالشروط المتعلقة بالصحة العامة والسلامة.

ولا شك في أن سلامة الغذاء تلعب دوراً رئيساً في المحافظة على صحة المستهلكين، وضمان تجنبهم المخاطر المحتملة من تناول الأغذية الملوثة أو المغشوشة أو حتى غير الصالحة للاستهلاك، وهذا يتطلب توافر ثلاثة عوامل رئيسة، هي: وجود أجهزة رقابية غذائية ذات فاعلية وكفاءة مهنية عالية، وتوفير مواصفات واشتراطات صحية لتداول الأغذية، وأخيراً إصدار التشريعات القانونية المحددة لطرق التعامل مع الغذاء وآليات العمل في المنشآت الغذائية.

وعندما يتعلق الأمر بصحة الغذاء وسلامة المستهلك، يجب أن يتم هنا تعزيز عامل كفاءة تطبيق إجراءات الكشف والتحري عن الأغذية المستوردة بشكل خاص، وتلك المصنفة داخل الدولة، لأن كفاءة الأجهزة الرقابية تضمن عدم دخول المواد الغذائية غير المطابقة للمواصفات المعتمدة أو التي يثبت تلوثها أو عدم صلاحيتها للاستهلاك البشري، ما يجعل من هذه العملية صمام أمان للمستهلك، يبعث لديه الشعور بالطمأنينة لما يتناوله من مواد غذائية تتطابق مع اشتراطات الصحة والسلامة، إضافة إلى عامل توافر الجوانب الشرعية للغذاء المستورد، وكذلك تجاوز حالات الغش والتدليس التي يمكن أن يتعرض لها المستهلك.

إن الأغذية الموردة إلى إمارات الدولة المختلفة تمر بمراحل تدقيق وتقييم دقيقة، يتم خلالها التأكد من الوثائق والبيانات المصاحبة للشحنات الغذائية، خصوصاً تلك المتعلقة بالشهادات الصحية، كما يتم الكشف على هذه الشحنات من قبل مفتشين مؤهلين للتأكد من مطابقة الشحنات للمواصفات وسلامتها، فضلاً عن تدقيق البطاقة الغذائية لكل منتج غذائي، يعقب هذا الإجراء سحب عينات من كل شحنة لترسل إلى مختبرات الأجهزة الرقابية لإجراء الفحوص المختبرية عليها، والتأكد من مطابقتها للمواصفات المعتمدة، وعلى ضوء هذه النتائج يتم الإفراج عن الشحنات الغذائية أو إعادتها إلى مصادرها إن كانت لا تتطابق مع الاشتراطات أو المواصفات المطلوبة، بل وحتى إتلاف هذه المواد إذا كانت تشكل خطراً على الصحة العامة.

وتبقى أعين الرقابة متابعة للشحنات الغذائية، حتى بعد وصولها إلى الأسواق من خلال عمليات التفتيش الدوري على المنشآت الغذائية، التي تتعامل مع الأغذية والتأكد من اتباع الإجراءات السليمة في عمليات الحفظ والعرض، لضمان عدم تلف هذه الأغذية في مراحل التجهيز أو البيع والتخزين.

وكذا الحال مع المنتجات الغذائية المصنعة داخل الدولة، فإن وحدات تفتيش المصانع الغذائية ضمن الأجهزة الرقابية في بلديات الدولة وجهاز أبوظبي للرقابة الغذائية يعملان على ضمان إنتاج غذائي سليم ومطابق للمواصفات المعتمدة، إذ توضع برامج للزيارات التفتيشية وسحب العينات بشكل دوري من هذه المصانع، وإخضاعها للتحليل المخبري للتأكد من سلامتها ومطابقتها للمواصفات والشروط، إضافة إلى المتابعة الميدانية من قبل مفتشي الأغذية لهذه المنتجات داخل الأسواق، وفي حال حدوث أي خلل في صلاحية هذه الأغذية عند عرضها في الأسواق، يتم سحبها فوراً من قبل الأجهزة الرقابية، والتأكد من خلو الأسواق منها، إلى حين التأكد من سلامة ما تنتجه هذه المصانع والسماح لها بإعادة التسويق.

وتعمل الأجهزة الرقابية المختلفة، الغذائية والاقتصادية، بشكل تضامني وجماعي، لضمان حقوق المستهلك والحصول على غذاء سليم وآمن ضمن إطار حماية هذا المستهلك من عمليات الغش أو فرض أسعار غير مبررة بغية الربح السريع وغير المنطقي، أو بيع أغذية فاسدة غير صالحة للاستهلاك تشكل خطراً على صحته وصحة عائلته.

ولضمان سلامة الغذاء وصحة المستهلك، وقّعت وزارة الاقتصاد العشرات من مذكرات التفاهم مع الدوائر المحلية والاتحادية المعنية بسلامة الغذاء والرقابة عليه، ووضع المواصفات القياسية والصحية، كل ذلك بهدف حماية المستهلك في دولتنا العزيزة. 

 مدير إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر