كل يوم

صندوق لرعاية المسنين..

سامي الريامي

بالتأكيد هي ليست مسؤولية الحكومة منفردة، بل هي مسؤولية مباشرة من الأفراد، من الأبناء تحديداً، ومع ذلك تتولاها الحكومة من خلال المستشفيات ودور رعاية المسنين، تتولى رعاية كبار السن لتعالج مشكلة الجحود الذي يمارسه عدد غير قليل من الأبناء حالياً تجاه أهاليهم!

أرقام صادمة أعلنتها هيئة تنمية المجتمع في دبي، فهناك 468 مسناً يعيشون وحيدين من دون رعاية في منازلهم، عدد منهم لا يلقى أي رعاية، وبعضهم تكرّم عليهم أبناؤهم فأوكلوا المسألة برمتها إلى خادم أو خادمة، ولا يعلم أحد بالطبع ما نوعية الخدمة التي يمكن أن يؤدوها إلى هؤلاء المسنين، وهل هم بالفعل لهم عون، أم أنهم مجموعة من الفراعنة ينهبون أموالهم، ويتركونهم بلا رعاية ولا اهتمام؟!

أمر يصعب تصديقه، ومع ذلك يحدث، لن نتهم الأسر جميعها بالجحود ومخالفة الدين من خلال رمي كبار السن في أماكن الرعاية، ولكن الواقع الحالي مخجل ومحزن، فهناك من يحاول التحايل على دور المسنين لاستقبال أبيه أو أمه، وهناك من يرميهم في أقرب مستشفى إذا فشل في إدخالهم الدار، وهناك أسر ترفض تسلم مسنيها من المستشفيات بعد استقرار أحوالهم، وهناك جهود صعبة يبذلها القائمون على دور الرعاية للتواصل مع الأسر ومحاولة إقناعها بإعادة دمج كبار السن في الأسرة!

استراحة «الشواب» في دبي تقدم الخدمات الدائمة والمؤقتة إلى المسنين، ممن تنطبق عليهم شروط الإيواء، ومنها ألا يكون للمسن معيل، وألا يكون مقتدراً مالياً، وألا يقل عمره عن 60 عاماً، ومع ذلك فهناك كثيرون يحاولون اللجوء إلى هذه الدار لوضع آبائهم وأمهاتهم، محاولين التحايل على الشروط الموجودة، ومتناسين أن هذه المسؤولية واجب ديني واجتماعي عليهم القيام به بمفردهم، فهل الحكومة أيضا مسؤولة عن تعليم الناس كيفية البر بوالديهم؟ يبدو أن البعض مقتنع بذلك، فالحكومة وفرت له التعليم والصحة، وهي التي ساعدته على الزواج وبناء المسكن، وهي مسؤولة عن تعليم أبنائه وتوفير الخدمات الصحية لهم، فما المانع أيضاً من أن تهتم بأبيه وأمه في دار المسنين!

إنها مسؤولية اجتماعية، ولا أعتقد أبداً أنها مسؤولية الدولة فقط، وأضم صوتي هنا تحديداً إلى صوت الفريق ضاحي خلفان تميم الذي دعا في ندوة نقاشية، الأسبوع الماضي، إلى تأسيس صندوق خيري لرعاية كبار السن، بعدما أعلن مدير هيئة تنمية المجتمع في الندوة خالد الكمدة، أن عدد المسنين ممن تجاوزوا الـ60 عاماً، في دبي وحدها، يبلغ ،8039 وفق آخر الدراسات التي أجرتها الهيئة.

صندوق خيري لرعاية كبار السن فكرة لا بأس بها، وأعتقد أن الجميع مسؤول عن المشاركة فيه، حتى إن كانت الرعاية لا تشمل أحداً من أفراد أسرته، فكبار السن هم آباؤنا جميعاً، وأمهاتنا جميعاً، هم الذين أسسوا كل هذه النهضة، فهم في الأساس من علّم وربّى جيل النهضة، وهم أساس الوطن، ومن حقهم اليوم أن يلقوا الرعاية اللازمة، خصوصاً أنهم عاشوا في فترات عصيبة لم يجدوا طعم الراحة في كثير من أيامها من دون شك.

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر