يا جماعة الخير

لا تؤخر زكاتك.. لو سمحت

مصطفى عبدالعال

في كل 40 مليوناً من مال تجارتك لفقراء الأهل والمجتمع - أمانة عندك - مليون كل عام هجري، وكذلك في أرصدة البنوك التي تزيد على قيمة 85 غراماً من الذهب (مدخرة لمدة عام)، لهم عندك أمانة في كل ألف درهم 25 درهماً، ولهم في الزروع نسبة بشروط، وفي مواشي مزرعتك نسبة بشروط، وفي ما يخرج من معادن الأرض كالبترول وغيره (ويُسمى الركاز) تملكه الدول أو الأفراد نسبة بشروط.

تلك خمسة أنواع من الممتلكات، ما عليك إلا أن تهاتف دائرة الشؤون الإسلامية ليبين لك فقهاؤها ما لك وما عليك فيها ويبصروك بما يحميك من خيانة الأمانة. نعم خيانة الأمانة، فإن الله رزقك واستأمنك على مبلغ تدفعه أنت لفقراء أهلك ومجتمعك ولا فضل لك ولا خيار، إنما الفضل لمن منحك الرزق واشترط عليك.

معادلة رائعة وحكمة بالغة، لو عمل بها الناس بفهم وصدق ما بقي في المجتمع الإسلامي على وجه الأرض فقير واحد، طبقها عمر بن عبدالعزيز في مجتمع صَدقَ أفراده وبادروا من تلقاء أنفسهم لأداء أماناتهم فلم يبقَ في الدولة الإسلامية شرقاً وغرباً فقير واحد، حتى امتلأت بيوت المال في كل البلاد بأموال الزكاة، وأمير المؤمنين يناشد الرعية: هل من سائل أو محتاج لنغنيه؟ هل من مدين لنسد عنه دينه؟ هل من راغب في النكاح ولا يقدر فنزوجه؟ ولا من قابل ولا مجيب. أخلص الأغنياء فدفعوا ما عليهم وعفّ الفقراء فقنعوا بما يكفيهم! فلماذا يكثر الفقراء والمتسولون في زماننا؟ ولماذا يتهرب الناس من أداء أماناتهم؟ سؤالان لكل فرد من أفراد المجتمع، ولك أنت خاصة، فأنت أحد ثلاثة: إما أنك تملك النصاب وعليك الزكاة وتحتاج إلى فهم طريقة توزيعها، ولو بدأت -ومن مثلك- بفهمها من علمائها فتغني كل عام من فقراء أهلك أولاً ثم من فقراء جيرانك بما ينقل الفقير إلى مصاف غير المحتاجين، بأن تهيئ له ما يحسّن به دخله من تجارة أو صناعة أو زراعة، وما إلى ذلك لتقلص عدد الفقراء تدريجياً. وإما أنك لا تملك النصاب فلا زكاة عليك، وفي الوقت نفسه سترك الله بما يكفيك، فعليك أن تعف نفسك ولا تتطلع إلى أخذ الزكاة، بل ولا تقبلها مؤمناً بقوله سبحانه {وَمَن يَتقِ اللهَ يَجْعَل لهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، وإما أن تكون فقيراً فاسأل العلماء هل تحل لك الزكاة، فإن أجازوك قبلت منها بقدر ما يسد حاجتك، سائلاً ربك أن يجعلك ممن يعطي لا ممن يأخذ، وإياك أن تشكو ربك لخلقه، وكن كما وصف القرآن أهل العفة من الفقراء يغنك الله بعفتك، وهو الذي بين للغني لمن يدفع زكاته، فقال {لِلْفُقَرَاء الذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التعَففِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ الناسَ إِلْحَافاً} البقرة .273 حكمة الله من الزكاة أن يكون المجتمع غنياً عفيفاً كريماً، فهل تعيد النظر في فهم الزكاة؟

mustafa@watani.ae

تويتر