ضعف المجتمع المدني

سامي الريامي

ضعف واضح في منظمات المجتمع المدني في الإمارات، لا أودّ الخوض في أسبابه، فهي كثيرة ومتشعبة ومعقدة، ليس أولها نقص الإمكانات المالية، ولا آخرها السيطرة الحكومية على كثير من تفاصيل عمل هذه المنظمات.

مهما كانت الأسباب فالحقيقة الواضحة هي أن الجميع متضرر من ضعف هذه المنظمات الأهلية المدنية، الجميع من دون استثناء، الدولة أولاً والمجتمع ثانياً، والفئات المستهدفة في عمل هذه المنظمات كافة.

منظمات المجتمع المدني تستطيع أن تؤدي خدمات متنوعة وكبيرة لخدمة المجتمع وأفراده كافة، كما أنها تساعد بشكل فاعل الحكومة، وتخفف عن كاهلها الكثير من المسؤوليات الضخمة، ما يجعل الحكومة تتفرغ لأعمال أهم وأكبر، وتتفرغ للتخطيط الشامل، واستكمال البنى التحتية، ووضع الاستراتيجيات ومتابعتها، وتنفيذ المشروعات التنموية بشكل أكثر سهولة، خصوصاً أن هذه المنظمات الأهلية في الغالب تحمل مشقة التعامل مع الفئات المهنية، وتعمل على رفع التقارير المفيدة للحكومة حتى تتخذ ما تراه مناسباً.

الشراكة بين الحكومة والقطاع الأهلي عملية مفيدة جداً للطرفين، والمجتمع ثالثهما، ولا يوجد أي داعٍ للتخوف أو النظر بشك وريبة إلى عمل كثير من هذه المنظمات خصوصاً المهنية، فهي إن لم تشكل رافداً مهماً لعملية التطوير والتنمية، فإنها على أسوأ تقدير لن تكون في يوم من الأيام سبباً في تصيد الأخطاء والعمل على مهاجمة الدولة وانتقادها في المحافل الدولية، كما تفعل المنظمات الخارجية أو الأجنبية.

أليس من الأفضل مثلاً أن تترك الحكومة قطاع تنظيم عمل الصحافة والصحافيين إلى جمعية الصحافيين، وترفع الصداع السنوي المتمثل في تقارير خارجية وانتقادات مستمرة متعلقة بحرية التعبير، واتهامات بالسيطرة من خلال قوانين جديدة وقديمة؟ ربما لا تكون تلك الانتقادات أو التقارير حقيقية وربما تكون مليئة بالمبالغات، هذا صحيح، لكننا نعطي المنظمات الأجنبية ذريعة قوية حتى تنال منا، وتبالغ وتزيد في موضوعات حرية التعبير والرأي كيفما تشاء، ونحن في غنى عن ذلك، أليس من الأفضل والأسلم لنا أن نترك للصحافيين إدارة شؤونهم والمحاكم الموجودة هي الفصل في القضايا والدعاوى، وترتاح الدولة من صداع الصحافة؟

والحالة نفسها في مسائل حقوق الإنسان، أليس من الأفضل لو كانت لدينا جمعية أهلية قوية متخصصة في قضايا حقوق الإنسان، تملك الحق والصلاحيات في التحقق من الشكاوى، والتدقيق على الممارسات المختلفة في قطاعات العمالة وحقوق المساجين، وغيرهم، وتبحث في المشكلات كافة، وتمتلك هذه الجمعية قوة كافية لترفع تقاريرها إلى الحكومة بشكل صريح حتى تستطيع الحكومة إصلاح الاعوجاج أينما كان؟

ألا تعتقدون معي أنه لو وصلنا إلى هذه الجمعية المنشودة، فلن تضطر الحكومة إلى الدخول في مواجهة سنوية مع تقارير منظمة «هيومان رايتس ووتش» وغيرها، التي ستواجه من قبل جمعية أهلية قوية تمتلك الحقائق والحجج، وتبرهن على عملها الأهلي من خلال تجاوب الحكومة مع تقاريرها المحلية؟

تقوية منظمات المجتمع المدني المختلفة، هي في الأساس رافد مساعد للحكومة، فكل سلبية تحاربها منظمات المجتمع المدني هي في الأساس نقطة ضعف في المجتمع يجب على الحكومة القضاء عليها، وهكذا فليس من مصلحة أحد أن تبقى هذه المنظمات ضعيفة في الإمارات.

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر