المتقاعدون يؤلمهم التهميش

عادل محمد الراشد

التهميش النفسي والاجتماعي لا يقل إيلاماً عن خفض في الراتب. هذه هي مشكلة الكثير من المتقاعدين، خصوصاً الذين أصابتهم مقصلة التقاعد المبكر. نقص في الدخل قد يشكل المزيد من الضغوط النفسية والعائلية، وفائض في الوقت يقود إلى قلّة القيمة والشعور بانتهاء الصلاحية، والدخول في نوبات من الإحباط وكآبة العيش، ثم التحول إلى مرحلة «الحنّة» والعصبية وتعكير الأجواء العائلية. الرجل «خالي شغل» ويومه طويل، وبعد التوصيل إلى المدارس، و«الحواطة» في الشوارع والأسواق، والانتهاء من التسكع في المقاهي تكون العودة إلى البيت بالمزيد من الأحمال المثقلة بالشعور بالملل والروتين والإحساس بقلة القيمة، فيعاد شحن الطاقة ليتم إفراغها في العيال وأمهم والخدم ومن في فصيلتهم! دعوات كثيرة انطلقت لاستثمار أوقات المتقاعدين بإعادة تدوير طاقاتهم وخبراتهم في الأجهزة الوظيفية، الحكومية والخاصة، لكن استجابات قليلة قابلتها هذه الدعوات. ولا يبدو في الإمكان أفضل مما كان على صعيد التوظيف، ولكن يمكن تحقيق الأفضل على صعيد إسعاد المتقاعدين وإشعارهم بقيمتهم من خلال برامج اجتماعية، وأنشطة رياضية، ومؤسسات خاصة بهم تمثلهم وتسهر على راحتهم. وقد سمعنا أكثر من مرّة عن مبادرات تزمع الجهات المعنية إطلاقها لتعويض المتقاعدين شيئاً مما افتقدوه مادياً ومعنوياً، وإشراك مؤسسات المجتمع، العامة والخاصة، في المساهمة في إعادة هذا الفاقد. ولكن هذه المبادرات الموعودة بقيت في حدود التصريح ولم تلامس التنفيذ، على الرغم من أنها ليست ابتكاراً ستنفرد به الجهات المسؤولة عن المتقاعدين بالدولة دوناً عن سائر دول المنطقة والعالم.

مطالب المتقاعدين لا تزيد على أماكن للترفيه، وأندية صحية، ومقرّات تجمعهم، وخدمات تعيد إليهم اعتبارهم.. فهل ذلك مستحيل؟

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر