ملتقى الشعر.. تضليل سنوي

علي العامري

السكوت عمّا يحدث في الشأن الثقافي «يزيد الطين بلة»، خصوصاً أن هذا السكوت يكرّس حالة من الرداءة التي تزداد اتساعاً، كلما اتسعت رقعة الصمت. وفي ظل غياب نقد أدبي وفني لا علاقة له بالـ«مداهنة» والمجاملة والتصفيق الأعمى، وفي ظل سكوت الصحافة الثقافية أيضاً، فإن الرداءة قد تتحول مع الوقت الى «معيار جمالي رفيع المستوى».

جميع المؤسسات الثقافية تعلن عن فعاليات نوعيّة في برامجها، لكنها قليلة تلك الجهات التي تلتزم حقاً بالنوعية من الأنشطة.

هناك فعاليات «ثقافية» تُقام هنا وهناك، لكنها لا تعكس الحراكين الثقافيين المحلي والعربي، علاوة على اعتماد أنماط محددة تتكرر في معظم الدورات. ومن بين تلك الفعاليات، لا الحصر «ملتقى الشارقة للشعر العربي» الذي انطلقت دورته الثامنة يوم الأحد الماضي، ليستمر خمسة أيام، يستضيف، حسبما أعلن، 25 شاعراً وعدداً من النقاد. ولكن، ما الذي يقدمه هذا الملتقى الذي ينظمه «بيت الشعر» التابع لدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة؟

الملتقى للشعر العربي، لكن هل التجارب المشاركة فيه تمثل صورة حقيقية لحركة الشعر العربي، في الإمارات وبقية الدول العربية وفي الخارج؟

هل هذا الملتقى يلامس أهدافه، أم أنه مجرد «روتين» سنوي و«تضليل» شعري، يأتي إليه من يأتي، ويقرأ فيه من يقرأ، ويُدعي فيه من يدّعي أنه شاعر «لا يُشق له غبار»؟ هل الشعر العربي صورة بالأسود والأبيض؟ هل هناك معايير إبداعية تحكم تنظيم هذا الملتقى؟ هل هناك ضوء على تجارب شعرية مختلفة ولافتة وجديدة وجريئة؟

يبدو أن الملتقى أصبح «صوتاً باهتاً» للشعر، كما أنه «روتين» سنوي لابد من تنظيمه، بغض النظر عن مستواه ومدى نجاحه أو فشله. وفي كل دورة يتراجع أكثر، إذ إن في الدورة الثامنة لا يمكن الوثوق جمالياً إلا بتجارب شعرية قليلة جداً، في حين البقية تراوح بين الرداءة واستنساخ القديم والادعاء، مع احترامي لكل المشاركين بأشخاصهم. لماذا يحدث ذلك في ملتقى يحمل اسم الشعر العربي؟ لم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ إن مسؤولاً في «بيت الشعر» في الشارقة اتصل بشاعر مشارك، طالباً منه أن يقرأ أو يكتب قصيدة مديح في الملتقى. لكن الشاعر رفض ذلك، مؤكداً أنه «ليس شاعر مناسبات». إلى هذا الحد وصل حال ملتقى للشعر العربي، يفترض فيه أن يكون لقاء حقيقياً للشعر العربي بجميع أطيافه؟

لماذا تغيب عنه أسماء شعرية إماراتية مثل أحمد راشد ثاني وخالد البدور وحبيب الصايغ وظبية خميس وهاشم المعلم وعبدالعزيز جاسم ونجوم الغانم واحمد العسم وعادل خزام وخالد الراشد وخلود المعلا وأحمد منصور، وغيرهم؟

لماذا تغيب أسماء عربية مثل طاهر رياض وقاسم حداد وعلي الشرقاوي وزهير أبوشايب ويوسف عبدالعزيز وغسان زقطان وعلي عبدالأمير وباسل رفايعة ومحمد علي شمس الدين ومحمد بنيس ولينا الطيبي وجهاد هديب وزكريا محمد وغيرهم؟

لماذا تغيب عن الملتقى تجارب حداثية وأصوات جديدة تضخ دماً جديداً في القصيدة العربية، سواء في التفعيلة او قصيدة النثر؟ ولماذا يجري تكريس نمط أحادي على حساب المشهد الشعري العربي المتنوع والمتعدد والموار بالجديد؟

لماذا يتم «حشر» الملتقى في نمط محدد؟ مع أن خريطة الشعر العربي ممتدة، وفيها تجارب شعرية تقدم اقتراحات جمالية جديدة، ليست مثل تلك التجارب التي تجتر ما خلفه القدماء.

 

ali.alameri@emaratalyoum.com

تويتر