من المجالس

عادل محمد الراشد

في العلاقة بين التعليم وسوق العمل، كان السؤال يتجه دائماً إلى مخرجات التعليم، إلى مسؤولية قطاع التعليم تجاه السوق، ولم يحدث أن اتجه السائل إلى السوق ليسأل عن مسؤوليتها ودور قطاع الأعمال في دعم العملية التعليمية والمشاركة في حل مشكلة البطالة بدول الخليج العربي.

استوقفتني هذه الملاحظة التي طرحها الدكتور عبدالخالق عبدالله في مقدمته التي استهل بها الجلسة الأولى للمؤتمر السنوي الخامس عشر الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات الاستراتيجية حول مخرجات التعليم وسوق العمل. فقد مضت سنوات من الجهد الفكري والعمل التنظيمي على رأي الدكتور عبدالخالق في البحث عن إجابة لشطر واحد من الإجابة دون أن يتكلف أحد لتغيير المسار وإشراك سوق العمل في المسؤولية عن إكمال الإجابة. هذه الملاحظة غير العابرة تستدعي الوقوف لاستحضار الأسباب التي تؤكد ميل ميزان المعادلة لمصلحة سوق العمل إلى درجة صارت هذه السوق لا تتحكم فقط في السياسات التعليمية بالمنطقة وإنما تفرض أوضاعاً جديدة تهدد النسيج الثقافي والاجتماعي لدول الخليج العربية. وقد كانت متطلبات السوق في أكثر الأحيان تلامس السطح دون أن تغوص في أعماق الرسالة الأشمل للتعليم، وتحاول أن تفرض مخرجات قصيرة الأمد في فوائدها، وبعيدة في تأثيراتها وأعراضها الجانبية، خصوصاً ما يتعلق منها بالهوية الوطنية وعوامل التكوين الثقافي، ناهيك عن إغفالها التخصصات الإنسانية الأخرى التي تشجع الإبداع وتستنهض ملكات التفكر والتأمل وفن صناعة الإنسان. متطلبات السوق مفهومة، ويجب أن يكون أكثرها مقبولاً ليتمكن شبابنا من مجاراة شروط الوظيفة، ولكن تبقى في المقابل متطلبات التعليم ومتطلبات المجتمع، فمثلما تتحمل متطلبات التعليم شطراً من المسؤولية، فإن السوق وقطاع الأعمال عليه أن يحمل الشطر الآخر، ليتبادل المسؤولية ويجيب عن الكثير من الأسئلة المعلقة التي لاتزال تذهب زوراً إلى المؤسسة التعليمية، بينما يقف قطاع الأعمال وسوقه موقف المشترط الذي يفرض قوانينه ومعاييره وثقافته على دول المنطقة.

 

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر