من المجالس

عادل محمد الراشد

أطنان من المواد الغذائية تدخل أسواقنا يومياً، ثم تستقر في بطوننا. ومنها المنتجات الزراعية من خضراوات وفواكه. قليل منها تنتجه مزارعنا في الداخل، وأكثرها يأتي مستورداً من الخارج. من دول عربية وغير عربية، قريبة وبعيدة. فقد أصبحت السنة ولله الحمد كلها موسم، وأصبحت فاكهة الصيف تستمر حتى الشتاء، وفاكهة الشتاء ممتدة حتى الصيف، لاختلاف الفصول بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها، واقتراب أركان هذه الكرة وجهاتها بشكل جعلها بالفعل قرية. المسافة بين دولها كالمسافة بين أحياء القرية الواحدة. الشاهد: أن هذه المنتجات ترد إلينا من دول مختلفة المعايير والمقاييس الصحية والزراعية. بين دول تخضع لمعايير ومواصفات صارمة عنوانها صحة الإنسان، وبين دول لم تصل بعد إلى اكتشاف معنى المواصفات والمعايير، فتترك المسألة لكل صاحب حلال أن يتصرف بحلاله كما يشاء، وإن كان ناتج هذا «الحلال» يتحول إلى حرام يتلاعب بصحة الآخرين، ويفتك بأحشائهم، ويضع صحة مجتمعاتهم ومستقبلها على كف عفريت. ومن هذه وتلك تستقبل أسواقنا المنتجات الغذائية، خصوصاً الزراعية، وفيها الكثير من الثمار التي تفتقد إلى المقاييس الصحية المطلوبة، والمليئة بالمواد الكيميائية الناتجة عن الاستعمال غير المقنن للأسمدة والمركبات والمبيدات الكيميائية. في بعض الدول العربية أثيرت أكثر من مرة قضية الاستعمال المفرط للأسمدة والمركبات الكيميائية، وانفتحت أبواب نقاش عام، ولكنه سرعان ما يتم إغلاقه بحجة الحفاظ على المصالح الاقتصادية وحماية مصالح المزارعين. وكان النقاش دائماً ينتهي بالإعلان أن «كل شيء تمام»، وأن الحكومات تضع يدها على الأمور بالشكل المناسب. ولكن هذه التطمينات لم توفّر الطمأنينة في نفوس المستهلكين هنا في دولة الإمارات وفي الأوساط القلقة في تلك الدول. ولايزال الكثير من المنتجات الزراعية تصل وبكثير من الشك في خلوها من خطر «الكيماوي»، ما دفع بالعديد من الناس للتوجه إلى بعض محال السوبر ماركت الكبرى للحصول على الخضراوات والفواكه القادمة من دول أوروبية، ولو كان سعر الكيلوغرام بـ10 أضعاف مثيله المستورد من دول اللا مواصفات. والقادرون على فعل ذلك من الناس قلة، فماذا تفعل الغالبية التي تضطر إلى أكل الأغذية الواردة من الدول المحيطة بلسان حال يردد «الحافظ الله».

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر