«البشكار» أم «الأربابة»؟!

سامي الريامي

الحالة النفسية التي تمر بها حالياً تلك السيدة الأوروبية التي اغتصبت طفلتها ذات الخمسة أعوام، أول من أمس، في رأس الخيمة تجعلنا نرحمها، لكننا بكل تأكيد لن نعفيها من المسؤولية، فهناك تهاون واضح منها يصل إلى حد الإهمال، بأن تركت طفلتها الصغيرة وحيدة في المنزل مع عامل صيانة آسيوي بحجة الذهاب لشراء بعض الحاجيات الضرورية لعملية الصيانة!

هو نوع من الإهمال، رغم تعاطفنا معها، والحقيقة الأكيدة هي أن الإهمال وراء كل عمليات الاغتصاب التي زادت وتيرتها في الآونة الأخيرة، رغم كل التحذيرات والنصائح والقصص المنشورة.

لا ننكر وجود مجرمين ومرضى نفسيين وذئاب بشرية يستحقون أقصى العقوبة، ولن يرحمهم أحد حتى لو أعدموا 20 مرة، فقاتل «طفل العيد» يستحق الموت، ومغتصب طفلة رأس الخيمة يستحق طعنات سكين الأم، ويستحق أكثر من ذلك عقوبة له على انتهاكه طفلة صغيرة بطريقة وحشية، لكن هذا لا يعفي الأهالي من المسؤولية، وهذا لا يعني عدم وجود تهاون وإهمال واستسهال وثقة زائدة على الحد، عند كثير من أولياء الأمور والأمهات.

فالإهمال هو الذي أدى إلى اغتصاب «موسى» طفل العيد، حيث إن المنطق يخالف الأب الذي ترك ابنه في هذا العمر يجول ويصول في حي مملوء بنوعيات مختلفة من البشر. والإهمال ذاته وراء اغتصاب ذلك الفتى المعاق ذهنياً مرات عدة من أشخاص مختلفين، والإهمال والاستسهال هما وراء اغتصاب طفلة رأس الخيمة، ولن تتوقف حالات الاغتصاب أبداً مادام هناك إهمال وعدم اكتراث من الأهالي.. للشرطة دور، وللقضاء دور، وتشديد العقوبة في هذه القضايا أمر ضروري، وتطبيق أشد العقوبات مطلب اجتماعي وشعبي، ونحن مع الإعدام، ولا شيء غيره، فالمسألة بدأت تتجاوز الحد والعقل، ولكن قبل ذلك كله حذر أولياء الأمور ومراقبة الأبناء وتثقيفهم والتشديد في كثير من الأمور الصغيرة هو حائط الصد الأول لمنع ضعاف النفوس من تنفيذ جرائمهم.. ولا ننس أبداً أن مجتمع اليوم ليس هو مجتمع الأمس، و«الفريج» الصغير الذي يعرف كل منا فيه جاره، ويحافظ الإنسان فيه على أبنائه وأبناء غيره، انتهى وربما إلى غير عودة، وأصبح اليوم «الفريج» هو انعكاس لمعنى «العولمة»، والخليط الموجود لا يكمن في الجنسيات فقط، بل هو خليط من العقول والمستويات الاجتماعية والثقافية، وخليط من الأمراض النفسية والعقد والطبائع والأفكار السليمة والخبيثة.

نقل إليّ أحد الأصدقاء رسالة شفوية من زوجته الطبيبة في أحد مستشفيات الإمارة تقول فيها «جاءت إلى العيادة سيدة مواطنة مع ابنتها البالغة من العمر ست سنوات، وهي تبحث عن دواء لبعض (الحبوب) البارزة التي بدأت تظهر في ظهر الطفلة، سألتها الطبيبة: متى اكتشفت هذه الحبوب على ظهر ابنتك؟ أجابت الأم: لا أعرف متى بدأت تبرز، لكن (البشكار) لاحظها عندما كان (يسبح) البنت، وأخبرني بالأمس فقط عنها، صُعقت الدكتورة من الإجابة، وألحقت الأم بسؤال سريع وهي فاغرة فاها: وهل هو من يقوم بذلك؟ أجابت بكل برود: نعم، مسكين يعمل عندنا من زمان، وهو يقوم بكل شيء»!

أيدخل ذلك العقل؟ هل هناك إهمال أشد من ذلك؟ وفي رأيكم من الذي يستحق العقوبة هنا في حال وقعت الفأس في الرأس، «البشكار» أم «الأربابة»؟!

reyami@emaratalyoum.com

تويتر