أثقال افتراضية

أحمد السلامي

كلما تقدم الزمن، استجدت في حياة البشرية أمور تصب كلها في خانة التعقيدات، وإضافة أثقال جديدة إلى حياة الإنسان.

هكذا يتخفف الكائن من بساطته رغماً عنه، ولا يفلح إلا نادرا في التخفف من الأثقال والأعباء المضافة.

فما كان بالأمس زائداً على حاجة الفرد ومن باب الكماليات أصبح اليوم أساسيا بامتياز.

من منكم باستطاعته الآن التخلي عن الهاتف الجوال؟ هذا الرقيب الإلكتروني الذي استسلمنا له بسهولة، وجعلناه أداة لإقلاق راحتنا، والكشف عن أماكن وجودنا.

المسألة لا تتوقف عند الحدود العائلية التي لا يمكن الفكاك منها، ولو افترضنا جدلا أن أحدهم يود أن يلتقي أصدقاء حميمين، لقضاء ساعة من الزمن في ارتشاف الذكريات أو في السؤال عن الأحوال والمآلات، فمن منا يسلم من مقاطعة رنين الهاتف، وقد يكون على الطرف الآخر أحد الثقلاء الذي لا تعرف من أين حصل على رقمك؟

وتلك القائمة الطويلة من الأسماء التي تنحشر في ذاكرة الهاتف، كلما أضيف إليها اسم جديد أتساءل: هل كل إنسان معني بالضرورة بتأسيس مركز معلومات وجمع قاعدة بيانات تحوي مجهولين، بعضهم لا يهاتفونك إلا للسؤال عن رقم هاتف شخص آخر لا تعرفه، لكنك تجد رقمه مصادفة في هاتفك.

وربما سيأتي اليوم الذي ننسى فيه أسماءنا، ونستبدلها بأرقام الهواتف والرموز المستعارة في مواقع الدردشة عبر الإنترنت.

كان أحد الأصدقاء يتحدث دائما عن هذه الأثقال ومدى تأثيرها في روح الإنسان.

وإذا ما تجاهلنا الهاتف الجوال، فهناك البريد الإلكتروني والمجموعات البريدية المتطفلة، وسيل الرسائل التي لا تكف عن التدفق بين دقيقة وأخرى.

أزعم أنني صرت بحاجة إلى موظف متفرغ لفرز الرسائل التي تصلني من دون أن أكون معنيا بمضمونها، وغالبا ما تضيع الرسائل التي تعنينا بالفعل وسط ذلك الكم الهائل من رسائل الفضوليين والمعلنين أو المبشرين بقرب إطلاق مواقعهم ذات المحتوى الرديء، والمتشابه مع رداءات سابقة لا تنقص شبكة الإنترنت.

❊❊❊❊

أصوات

زحام في الجدران أيضاً

وأنت تخجل من الكاميرا

أو على الأرجح لا تثق بملامح وجهك

تماماً مثلما تتحاشى المرآة

أو تغلق الهاتف الجوال ليوم أو يومين

ثم تتخيل أصواتاً ملائكية كانت ترغب في محادثتك..

 

slamy77@gmail.com

تويتر