من المجالس

عادل محمد الراشد

سؤال طرحه قارئ يحمل دلالات لم انتبه إليها خلال عرض ثقافة التوظيف الغائبة عن معظم القائمين على الوزارات والدوائر والهيئات والشركات الحكومية وشبه الحكومية. والسؤال هو: ماذا لو خضع المسؤولون في هذه الجهات، من درجة وكيل وما دون ذلك، للاختبارات والمقابلات نفسها التي يفرضونها على طلاب الوظائف الجدد في جهاتهم.. هل سيتجاوزونها أم أن النتيجة ستقول: لم ينجح أحد؟

ربما في السؤال تعميم متعسّف إلى حد ما، ولكن لاحظ أن السائل لم يطلب إخضاع هؤلاء المسؤولين لاختبارات بمعايير في مستوى درجاتهم الوظيفية، ولهذا كلام آخر، ولكنه افترض جلوس المسؤولين في مكان طالب الوظيفة فقط لا أكثر، عندها، حسب رأي هذا القارئ سيكتشف هؤلاء والجهات التي يديرونها كم من التعسّف يرتكب في جلسات الامتحان هذه، وكم من التشدد يتعرض له المواطنون المقبلون على الوظيفة، وخصوصاً أولئك المتخرجين حديثاً بلا خبرة، وحمَلة الشهادات الثانوية الذين يفترض أن يكون انضمامهم للحياة العملية هي بداية التأهيل الصحيح للوصول إلى مستوى تلك المعايير المطلوبة.

النوعية مطلوبة، والمعايير ضرورية، واختبار الشخصية مهم، واكتشاف المهارات مفيد، ولكن كل ذلك لا يفترض أن يكون متوافراً في كل المقبلين على الوظيفة بالدرجة نفسها، والمطالبة بتوافره ينبغي أن يصبّ في خانة الاطلاع على المتقدم للوظيفة وكشف نقاط ضعفه لتقويتها ونقاط قوته للاستفادة منها، ولمعرفة أي الميادين والأقسام أنسب له وللعمل، وليس للتخلص منه ورفض تعيينه. فكل مواطن يجب أن يكون في موقع عمل، ليس ذلك حقاً له فقط بل هو حق عليه. ووضع الشروط التعجيزية بحجة اعتماد المعايير، وافتراض جهوزية الموظف لتسلّم الوظيفة قبل الحصول عليها فيه الكثير من التحامل والتعقيد. المعايير تفرضها بيئة العمل ونظم ولوائح المؤسسة. وبعد التعيين سيستمر من يسير مع السرب، ويسقط من يعجز عن المجاراة. وهذا لا يمكن اكتشافه في المواطن عبر اختبارات وجلسات ماراثونية تخلط الحلو بالمالح.

 

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر