لعبة رفع الأسعار !!

سامي الريامي

بالرغم من تحذيرات مسؤولي منافذ التوزيع في الدولة من ارتفاعات جديدة في أسعار السلع الغذائية بنسب تصل إلى 20% خلال الفترة القليلة المقبلة، إلا أن وكيل وزارة الاقتصاد، محمد الشحي، طمأن المستهلكين، وقال «إن هذه الارتفاعات لم ولن تحدث؛ لأن الوزارة أقرت العديد من الإجراءات الرقابية والعقابية أمام كل من يخالف تعليماتها ويرفع الأسعار دون الرجوع إليها».

محمد الشحي الذي شاءت المصادفة أن نجتمع معه خلال الرحلة إلى الكويت ضمن الوفد المرافق لصاحب السموّ رئيس الدولة للمشاركة في القمة الاقتصادية العربية، في اليوم ذاته الذي نشرنا فيه في «الإمارات اليوم» نوايا «الموردين» رفع الأسعار 20%، كان يتحدث بثقة كاملة تبث الطمأنينة في القلب من أن هذه التحركات لن تجدي نفعاً مع رقابة وزارة الاقتصاد وشروطها ومطالبتها لمنافذ البيع بعدم عرض السلع التي ينوي موردوها رفع أسعارها. قلت له: «سأنقل على لسانك هذه الطمأنينة للمستهلكين والقراء»، فأجاب واثقاً: «نعم، لن يستطيعوا رفع الأسعار، بل العكس تماماً ستشهد الأسعار انخفاضات قريبة بدءاً من النصف الثاني من العام الجاري وبدرجة ملحوظة».

سألته: «وهل الغرامات التي تفرضها وزارة الاقتصاد رادعة، أم أنها لا تقارن بحجم الربح الذي يحققه التاجر جراء رفع الأسعار؟»، فأجاب: «المسألة ليست غرامة والسلام، فالوزارة تضاعف المخالفات في حال تكرارها، وتصل إلى إغلاق النشاط نهائياً إذا ما تكررت المخالفات، المسألة ليست سهلة على التجار، كما يظن البعض، ونحن نقوم بدور وجهود كبيرة للسيطرة على الوضع، وكبح جماح الارتفاعات غير المبررة والجنونية».

وبصراحة شديدة، وحتى نكون عقلانيين و«حقانيين»، فالجهود الحالية التي تبذلها وزارة الاقتصاد كبيرة وغير مسبوقة، خصوصاً أن الوضع في الأسواق ليس سهلاً على الإطلاق، وهناك الكثير من التكتلات والتحالفات، ومناطق نفوذ للموردين داخلياً وخارجياً، كما أن هناك الكثير من السلع الرئيسة والمواد الغذائية المهمة لا يمكن السيطرة على أسعارها لارتباطها بأسواق أخرى خارجية، ووكلاء أجانب لا ينظرون أبداً إلى مصلحة المستهلك المحلي قدر ما ينظرون إلى مصالحهم ومصالح الموردين خارج الدولة.. ولعل تصريحات أحد كبار موردي السلع الغذائية ويُدعى «دييكا كيواني» خير دليل على ذلك، حيث قالها بمنتهى الوضوح والصراحة: «سنزيد الأسعار بغرض تعويض (قلة) أرباح العام الماضي»!

هكذا بكل بساطة، لم يقتنع الأخ بأرباح العام الماضي فقرر زيادة أسعار هذا العام لمضاعفة الأرقام خلال هذا العام، المسألة إذن ليست مرتبطة بقوانين التجارة أو العرض والطلب، وليست مرتبطة بأسعار النفط أو «الديزل»، وليست مرهونة بأزمة عالمية أو نقص في الإنتاج العالمي، هي بكل بساطة قرارات فردية من تجار يشعرون بالقوة؛ لأنهم يتحكمون في سلع أساسية وغذائية ترتبط بأفواه البشر!

نتمنى أن تستطيع وزارة الاقتصاد أن تلقّن هؤلاء المتحكمين درساً، من خلال التحكم في منافذ البيع، فالشحي يرى أن الوزارة غير مرتبطة بهؤلاء الموردين، وهي تحكم سيطرتها على منافذ البيع، ومن دون هذه المنافذ فإن المورّد لا يستطيع تصريف بضاعته.

طبعاً الشحي على حق، والمستهلكون أيضاً مطالبون بالوعيّ، والعمل السريع على إيجاد بدائل للسلع التي يرتفع سعرها دون مبرر.
 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر