أقول لكم

محمد يوسف

اعتقد قادة الكيان الصهيوني أنهم مازالوا قادرين على العربدة دون رادع، مستغلين آلتهم الدعائية الدولية، بكل ما تضم من وسائل إعلامية مؤثرة في أميركا وأوروبا أو عبر الإنترنت، ولهذا أطلقوا العنان لجحافل جيوشهم لارتكاب جريمة جديدة، تضاف إلى جرائمهم المتكررة منذ 60 عاماً، ولكن ذكاءهم خانهم هذه المرة، فانقلب عليهم سحرهم، ولم ينفعهم التعتيم الممنهج، الذي فُرض على القنوات والصحف التابعة في بلاد الديمقراطية والحرية، في إخفاء بشاعة جرائمهم، كما لم تنفعهم أكاذيبهم حول «العدوان الذي يتعرضون له من غزة»، وفشلت الأصوات السياسية المساندة في تغيير الحقيقة، وخابت «رايس» وتبريراتها، وسقط «ساركوزي» ووساطته، بعد أن أيد وبرر المذابح منذ يومها الأول، وحتى الصمت العربي في البداية فُهم بطريقة خطأ، وظن الصهاينة أنه قبول أو إيحاء بعدم التعاطف، وسُخّرت أقلام وحُركت أصوات لإحداث شقاق عربي غير مسبوق، ولكن النتيجة كانت عكسية على إسرائيل بكل ما تعنيه هذه الكلمة.

العالم انقلب على وحشية الصهاينة، فالتظاهرات التي عمت المدن الرئيسة في الولايات المتحدة، والتي كانت من بينها «تظاهرات يهودية» تعارض المذابح في غزة، تحدث لأول مرة وبهذا الزخم، أما ما حدث في العواصم الأوروبية قاطبة فهو ما لم نكن نتخيل أن نراه، من مسيرات الشموع، إلى اعتصامات النساء والأطفال، كلها تنظر إلى حياتها وأمنها وسلامتها، وتتوقف عند المقارنة التي لا يمكن أن تقبل في هذا الزمان، وهذا بالتحديد ما جعل الولايات المتحدة بحكومتها المتطرفة في تأييد إسرائيل تمتنع عن الاعتراض على قرار مجلس الأمن الدولي، وهذا يحدث لأول مرة منذ قرابة ثلاثة عقود، وإصرار الجانب العربي على استصدار قرار دولي كان موقفاً مفتقداً أيضاً طوال العقود الثلاثة الماضية، وفي الجانب الآخر نسمع دعوة من منظمات الأمم المتحدة إلى التحقيق في شبهة ارتكاب الصهاينة جرائم حرب، بعد قتل مجموعة من الأطفال في أحد منازل غزة، وكذلك تقدم منظمات وشخصيات حقوقية بريطانية بدعاوى على القادة الصهاينة، ومازال العالم في انتظار تحرك المزيد من الجهات المهتمة بحقوق الإنسان وعهود ومواثيق الأمم المتحدة التي استباحتها إسرائيل جواً وبراً وبحراً، اعتقاداً منها بأنها فوق كل القوانين الدولية.

myousef_1@yahoo.com

تويتر