أقول لكم

محمد يوسف

لم يلق افتراض القبول من أصحاب جلسات «الهندربان» في القنوات الرياضية، ولهذا لم يبد أحد منهم رغبته في ضمي إلى فريق المحللين الذين يستضيفهم كل يوم، وقد يكون هناك من اتصل ووجد هاتفي مقفلاً، فقد كنت «خارج الخدمة»، خلال الأيام الثلاثة الماضية، وهي الأيام التي حاولت فيها أن أقاطع غزة وما يحصل في غزة، وأن أتابع مباريات دورة الخليج، فعشت صراعاً «داخلياً» مع نفسي، وما أدراك ما النفس، خصوصاً إذا قررت أن تأتي فعلاً «مخالفاً» لطبيعتها وما جُبلت عليه، فهي تدق كل شعيرات الأحاسيس، وتستثير خلايا الضمير، وترسل إشارات غضب إلى مسارب الدم، فترفع ضغطه تارة وتخفضه تارة أخرى، وتطن في الأذن بأفكار وأصوات، وتشوش العقل والفكر، وتجعل المعنويات صفراً، والشؤم عنواناً لتقاسيم وجهك، وتحيلك على لا شيء، حتى تعود إلى رشدك، وهذا ما حدث، وقد عدت أشاهد الأخبار، حتى أتشارك مع كل أب مكلوم الحزن والبكاء على طفل قتلته تطلعات «تسيبي ليفني» أو أساهم بنظرات فزعة في البحث عن الجثث تحت أنقاض مدرسة، وأتنقل في أروقة مبنى الأمم المتحدة مع الوفد العربي الذي حمل إرادة تمكنت من فرض الموقف الموحد، وجعلت وزير خارجية فرنسا يؤيد قرار وقف العدوان من دون أن ينتظر رئيسه 24 ساعة، وفرضت على كونداليزا رايس ألا تستخدم «الفيتو» للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، وتيقنت أن هذه الأمة عندما تتفق على رأى أو موقف يخضع لها كبار العالم، لأنها أكبر منهم، ولكن نحن الذين صغرنا أنفسنا، وجعلنا مواقفنا الشخصية هي الحكم في قضايانا المصيرية، وأسفت على الجهد الذي ضاع والأرواح التي أزهقت والخراب الذي لحق بغزة، عندما كنا نتجادل ويعيّر بعضنا بعضاً، وها نحن نخضع المجتمع الدولي لمطالبنا، وهي مطالب مغموسة بالدم، ولهذا كان الخجل بادياً على جميع الذين يساندون العدوان، حتى مندوبة الكيان الصغرى كانت غير قادرة على رفع عينيها عن الأرض طوال جلسة مجلس الأمن، لأنها أحست بأن العالم ينبذها، وستكون كذلك حتى تتوقف عن ممارسة أفعالها الهمجية.

تسقط الكرة، فهي بلا لون أو طعم أو رائحة، فاللون الأحمر طغى عليها، وهو لون الدم القادم من غزة والمتسلل إلى داخلنا حتى ما عدنا نرى سواه

 

myousef_1@yahoo.com  

تويتر