تحذيرات من تحولهم إلى ناقل للفيروس في المجتمع

مطالب بمنع دخول الأطفال مراكز التسوق لحمايتهم من «كورونا»

صورة

حذر مختصون في الطب والقانون وحقوق الطفل الأهالي من اصطحاب الأطفال خلال عملية التسوق وشراء المواد الغذائية من منافذ البيع، خلال الفترة الطارئة الحالية، وانتشار فيروس كوورنا (كوفيد 19)، مؤكدين أن إهمال بعض الأسر للإجراءات الوقائية التي أعلنت عنها الجهات المعنية في الدولة من شأنه تعريض حياة الأطفال للخطر، مطالبين بتطبيق إلزامية عدم دخول الأطفال مركز التسوق، ومساءلة القائم على الطفل قانونياً في حال مخالفته التعليمات.

ورصدت «الإمارات اليوم» في جولة على منافذ بيع المواد الغذائية، اصطحاب أسر لأطفال ورضع، أثناء عملية التسوق، وهو ما رصدته أيضاً جمعية الإمارات لحماية الطفل.

وحذرت جمعية الإمارات لحماية الطفل من خطورة اصطحاب الأسر أطفالهم إلى مراكز التسوق خلال هذه الفترة الطارئة، لافتة إلى قيام إحدى شركات التجزئة المعروفة بالإعلان عن منع دخول الأطفال.

وأكدت الجمعية أن هذا السلوك يشكل خطورة كبيرة على سلامة الأطفال في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد، كما يعد خرقاً صريحاً للقانون، مشيدة بالتزام العديد من الأسر وامتناعهم عن اختلاط أطفالهم في ظل الظروف الاستثنائية مع الآخرين أو الذهاب إلى الأماكن العامة والمزدحمة، التزاماً بالتعليمات والضوابط الصادرة بهذا الخصوص.

وقال العضو المؤسس رئيس مجلس إدارة الجمعية، فيصل الشمري، إن الجمعية تلقت ملاحظات حول اصطحاب أهالٍ أطفالهم داخل مراكز ومنافذ بيع المواد الغذائية، الأمر الذي قد يعرضهم لخطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، معتبراً أن «إصرار بعض الأسر على القيام بذلك يمثل إهمالاً يعرض حياة الطفل للخطر ويساءل عن ذلك ولي الأمر».

ولفت الشمري إلى أن «الطفل لا يدرك كيفية وقاية وحماية نفسه من عدوى الفيروس وقد يلامس الأسطح والأرضيات أثناء عملية التسوق مع والديه أو تنتقل له العدوى من الآخرين، الأمر الذي يعرضه للخطر»، منوهاً بمبادرات بعض مراكز التسوق بمنع دخول الأطفال مع ذويهم أثناء التسوق، لافتاً إلى تسجيل حالات أصر فيها والد ثلاثة أطفال على دخولهم معه أثناء التسوق رغم رفض رجال أمن المركز.

واستهجن الشمري هذا السلوك الذي وصفه بـ«غير الحكيم»، مطالباً بتوقيع أشد العقوبات على من يرتكب مثل هذه «الحماقات» والمخالفات المرفوضة، قائلاً: «القانون منع أخذ الأطفال إلى المقاهي، أو التدخين وهم موجودون، فما بالنا بأخذهم لأماكن مزدحمة قد تسبب لهم العدوى وتنقل لهم المرض مع معرفة أن المناعة لديهم ضعيفة بحكم السن الصغيرة».

واقترح أن تقوم الجهات المعنية بمراقبة التزام القائم برعاية الأطفال بالتعليمات المقررة لوقايتهم وحمايتهم من فيروس «كورونا»، وإلزام القائم بعدم إخراج كل من يقل عمره عن 18 سنة من المنزل إلا للضرورة وبتصريح مسبق أسوة بالتنقل أثناء فترة التعقيم الوطني، ومن يخالف ذلك تتخذ ضده الإجراءات اللازمة ويعتبر مخالفاً لقانون «وديمة»، بتعريض حياة الطفل للخطر.

وأشار الشمري إلى أن قانون حقوق الطفل «وديمة» نص في المادة (34) على أنه يحظر تعريض سلامة الطفل العقلية أو النفسية أو البدنية أو الأخلاقية للخطر سواء بتخلي القائم على رعايته عنه أو تركه بمكان أو مؤسسة رعاية بدون موجب، موضحاً أن المادة (60) من القانون تنص على أنه يعاقب بالحبس أو غرامة لا تقل عن 5000 درهم كل من خالف حكماً من أحكام البند (2) من المادة (11).

إلى ذلك، قال البروفيسور في جامعة غرب أونتاريو الكندية، استشاري طب الأطفال والأمراض المُعدية والمناعة بمركز القلب الطبي في مدينة العين، الدكتور حسام التتري، إن المجتمع العلمي لايزال يتعلم الكثير منذ ظهور مرض كورونا المستجد، ومن ضمن ما تعلمناه أن الأطفال أقل عرضة للإصابة بفيروس كوفيد 19، وذلك بناء على الإحصاءات المتوافرة حتى هذه اللحظة، إلا أن المستجدات الأخيرة تشير إلى تسجيل حالات إصابة بين الأطفال حول العالم أكثر مما كان الوضع عليه في بداية الوباء، حيث سجل أكثر من 10 حالات صعبة في إيطاليا الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تسجيل حالتي وفاة إحداهما في الصين، والثانية في الولايات المتحدة الأميركية، ورغم ذلك لاتزال نسبة الحالات المعقدة والإصابات بين الأطفال تعتبر أقل مما هي عليه بين كبار السن.

وأضاف أن «هذه الأرقام والإحصاءات جعلت كثيراً من الآباء والأمهات يستهترون بخطورة خروج الأطفال في هذه الفترة من المنازل، رغم التحذيرات الرسمية بأهمية إبقاء الأطفال في المنازل للوقاية ومحاصرة انتشار الفيروس، ومنع انتقال العدوى لهم»، محذراً من اصطحاب الأطفال أثناء التسوق ما يشكل خطورة كبيرة عليهم وعلى المجتمع بشكل عام.

وأضاف التتري: «من الصعب إقناع الأطفال بعدم ملامسة الأشياء، ما يجعلهم ناقلاً سريعاً للفيروس عن طريق عدم محافظتهم على مسافة الأمان مع الآخرين، أو العطس أو السعال على البضائع، ولمس البضائع على الأرفف خلال عملية التسوق»، مهيباً بالآباء والأمهات إبقاء أطفالهم في المنازل خلال عملية التسوق، والاكتفاء بخروج شخص واحد للتسوق واتباعه الطرق الآمنة والإجراءات الاحترازية التي أوضحتها وزارة الصحة ووقاية المجتمع، والجهات ذات الاختصاص.

من جانبه حذر المستشار القانوني سالم سعيد الحيقي، من أن جائحة «كورونا» لا تميز بين الصغير والكبير في كل أنحاء العالم، مشيراً إلى أن الأطفال هم لبنة المجتمع ومستقبل الأوطان، لذا حظوا بحقوق كاملة ورعاية فائقة في قوانين الدول المتحضرة وفي مقدمتها الإمارات، التي كانت سباقة في تشريع قوانين خاصة تراعي وتهتم بالأطفال، مثل القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2016 بشأن حقوق الطفل «وديمة»، ومن خلال القانون أكد المشرع الإماراتي حقوق الطفل وعلى رأسها الحق في الحياة والبقاء والنماء والتمتع بحياة حرة وآمنة. وقال الحيقي، إن «بعض الأهالي لا يأخذون التوجيهات والنصائح على محمل الجد، ويصطحبون أطفالهم في غير الأحوال التي تكون ضرورية لذلك، وهم على دراية بأن هذا السلوك لا يخلو من عقوبة، خصوصاً في ظل التحذيرات والارشادات التي صرحت بها الجهات المختصة في الدولة حول كيفية انتقال فيروس كورونا والاصابة به».

وتابع: «نحن نعلم أن سلوك الأطفال غير متوقع ولا نستطيع السيطرة عليهم بشكل كامل لصغر سنهم، وعدم وعيهم بالارشادات للوقاية والمحافظة على أنفسهم من هذه الجائحة، ما قد يؤدي إلى التسبب بالضرر لهم وقد يتنقل لهم المرض».

وأضاف: «استناداً للقرار الصادر عن النائب العام للدولة بشأن تطبيق اللائحة المحدثة لضبط المخالفات والجزاءات الإدارية والصادر بها قرار مجلس الوزراء رقم 17 لسنة 2020 للحد من انتشار فيروس كورونا، ونتيجة الانتهاكات التي تحدث في فترة الحظر فلابد من وضع حماية الأطفال في مقدمة الأوليات، لأنهم عماد المستقل، فيجب أن يحظر اصطحاب الأطفال خارج المنزل لغير الضرورة، حرصاً على سلامتهم ووقايتهم مما قد يحدث، وأن يستتبع هذا الحظر بعقوبة رادعة باعتبار أن الاستثناءات الواردة في فترة الحظر تشمل الضروريات».


أعراض غير واضحة

أفاد استشاري الأمراض المعدية، الدكتور جهاد صالح، بأن الأطفال قد يصابون بفيروس «كورونا المستجد»، وتكون الأعراض لديهم غير واضحة، لكن قد يكونون مصدراً لإصابة الآخرين.

وشدد على ضرورة البقاء في البيوت للكبار والصغار والابتعاد عن أي تجمعات، وغسل اليدين باستمرار حيث يعد ذلك الإجراء الأهم حالياً، وفي حالة الخروج للضرورة يجب غسل اليدين عند لمس أي سطح خارجي، والحرص على عدم ملامسة العينين أو الأنف والفم قبل غسل اليدين جيداً بالماء والصابون.

تعرُّض الطفل للخطر

أكد المستشار القانوني، سالم سعيد الحيقي، أن القرار الصادر عن النائب العام حول جدول المخالفات، ومنها فرض غرامة 1000 درهم على مخالفة عدم ارتداء الكمامات الطبية في الأماكن المغلقة لأصحاب الأمراض المزمنة والأشخاص الذين يعانون أعراض نزلات البرد والإنفلونزا دون غيرهم، وعدم مراعاة مسافة التباعد بين الأشخاص؛ ينطبق على الأطفال كذلك. ولفت إلى أن «غرامة الـ1000 درهم لقائد المركبة إذا تجاوز عدد الركاب المسموح به في السيارة الواحدة أكثر من ثلاثة أشخاص، تستوي كذلك في حال كان بالمركبة الأبوان واثنان من الأطفال، بالإضافة إلى أن تطبيق المخالفات لن يتعارض مع تطبيق أي قانون آخر في الدولة في حال تعرض الطفل للخطر، لذلك فمن العقلانية عدم المخاطرة بتعريض الأطفال للضرر في ما لا جدوى منه، وعدم الإخلال بالواجبات الدينية والشرعية والقانونية نحو أنفسنا وأطفالنا ومجتمعنا ودولتنا، وتنفيذ القرارات والأوامر للمحافظة على الصحة العامة والأمن الوطني».

اصطحاب أطفال خلال التسوق يُثير مخاوف طبية وحقوقية.

تويتر