«التربية»: هناك شروط تسمح للطلبة المقيمين بالاستمرار في المدارس الحكومية

طلبة مهدّدون بالنقل إلى مدارس تبعد عن سكنهم 80 كيلومتراً

أولياء أمور الطلبة يعيشون حالة قلق بسبب اشتراطات «التربية». تصوير: أحمد عرديتي

يعيش أولياء أمور طلبة غير مواطنين في مدارس حكومية بالمناطق البعيدة قلقاً بشأن استمرار أبنائهم في الدراسة بمدارسهم، بسبب اشتراط وزارة التربية والتعليم أن يحصل كل طالب على نسبة 85% في كل من «اللغة العربية» و«اللغة الإنجليزية» و«الرياضيات»، حتى يستمروا في الدراسة بمدارسهم، وإلا اضطروا للانتقال إلى مدارس خاصة، موضحين أن أقرب مدرسة خاصة لأماكن سكنهم تبعد نحو 80 كيلومتراً.

عبء كبير

قالت أم لطالبة في الصف التاسع روان علي الفايد: «هناك أمور يجب على وزارة التربية والتعليم أن تأخذها في الحسبان قبل تطبيق هذا القرار على الطلبة غير المواطنين، وهو أنه في حال تعذر حصولهم على النسبة المطلوبة فإنه على أهل هؤلاء الطلبة البحث عن مدرسة خاصة وسكن مناسب قريب من موقع المدرسة، ما يشكل عبئاً مالياً إضافياً على الأسرة، خصوصاً أننا نقيم في مدينة الذيد لأكثر من 14 عاماً، ولا توجد فيها إلا مدرسة خاصة واحدة ذات جودة متدنية في التعليم، أما أقرب مدرسة خاصة لمكان سكننا فهي تقع في مدينة الشارقة التي تبعد عن الذيد نحو 57 كيلومتراً، كما أن نقل الطالب من مدرسة لأخرى يؤدي إلى تغيير زملائه ومعلميه، ما يؤثر سلباً على نفسيته وتحصيله الدراسي».


على الطلبة المقيمين

الحصول على 85%

في مواد الرياضيات

والعربية

والإنجليزية

للاستمرار في

المدارس الحكومية.

فيما أكدت وزارة التربية والتعليم أن استمرار الطلبة المقيمين في الدراسة بالمدارس الحكومية مرهون باشتراطات عدة، منها التميز، والطاقة الاستيعابية لكل مدرسة ولكل صف بها.

وتفصيلاً، أفاد أولياء أمور الطلبة: عبدالله، ونور، وسعيد، وسمر، في صفوف مختلفة، بأنهم تسلموا إخطارات من مدارس حكومية يدرس بها أبناؤهم، تتضمن بياناً لدرجاتهم في ثلاث مواد بالفصلين الدراسيين الأول والثاني، إذ إن نسب درجات طلبة منهم راوحت في هذه المواد بين 57% و94%، مشيرين إلى أن الإخطارات تلزمهم بضرورة حصول أبنائهم على معدل 85% في إجمالي الدرجة النهائية للعام الدراسي في كل مادة من ثلاث مواد (اللغة العربية، واللغة الإنجليزية، والرياضيات)، حتى يضمن ولي أمر الطالب استمرار ابنه أو ابنته في الدراسة بالمدرسة، وإلا اضطر لنقله إلى مدرسة خاصة.

وأضافوا أن «نقل أبنائنا من مدارسهم أمر في غاية الصعوبة، لأننا سنكون أمام حلول صعبة، إما أن نسجلهم في مدارس خاصة، وفي هذه الحالة سيقطعون كيلومترات عدة؛ لأن أقرب مدرسة خاصة بالنسبة للمناطق التي نعمل ونسكن بها تزيد على 80 كيلومتراً، أو يسكنون بالقرب من المدارس الخاصة التي تبعد عن مكان أعمالهم، وبذلك لن ننعم بالاستقرار لبعد سكن أسرنا عن أماكن العمل، أو الحل الأخير أن نفقد وظائفنا، ونبحث عن وظائف أخرى في أماكن تتوافر فيها مدارس خاصة».

وجاء في الإخطار الذي حمل اسم «إخطار ولي أمر بالمستوى التحصيلي للطالب للعام الدراسي 2018/‏‏‏‏2017»، أن «المستوى التحصيلي للطالب خلال الفصلين الدراسيين الأول والثاني من العام الدراسي الجاري لابد أن يتوافق مع شرط التميز للقبول للمواد (اللغة العربية، واللغة الإنجليزية، والرياضيات) بأن يكون بمعدل 85% في كل مادة».

وتضمن الإخطار درجات كل طالب في المواد الثلاث، ثم علقت الوزارة في إخطارها على الدرجات بالقول: «في حال استمر المستوى التحصيلي أقل من 85% في مواد اللغة العربية والرياضيات واللغة الإنجليزية حتى نهاية العام، فسيتعذر علينا قبول استمرار الطالب بالمدرسة لعدم تحقيقه شرط التميز، وسيتم تسليمكم إخطاراً بنقله لإحدى المدارس الخاصة».

من جانبه، قال (أبومحمد)، أحد سكان المنطقة الوسطى في الشارقة، وهو والد لطالبين في المرحلة الإعدادية يدرسان بإحدى المدارس الحكومية ويعانيان ضعف السمع والنطق بعد زراعة قوقعة لهما في صغرهما: «إن قرار الوزارة المتعلق باشتراط حصول الطالب غير المواطن على نسبة لا تقل عن 85% في ثلاث مواد هو أمر غير مقبول، لا سيما للطلبة من ذوي التحصيل العلمي الجيد، كون هذا الأمر يشكل تحدياً كبيراً أمام ذوي الطلبة الذين سيضطرون في حال عدم حصول أحد أبنائهم على الدرجات التي اشترطتها الوزارة إلى جدولة جميع أمور حياتهم وإعادة ترتيبها من حيث نقل هذا الابن إلى مدرسة خاصة وتخصيص ميزانية مالية لهذا الأمر، وتغيير مكان سكن الأسرة».

وأوضح أنه في حال لم يحصل ابناه أو أحدهما على الدرجات المطلوبة في إحدى المواد الثلاث، فإنه سيضطر لنقلهما إلى مدرسة خاصة ليتمكنا من استكمال دراستهما، وبما أنه لا توجد إلا مدرسة خاصة واحدة في المنطقة الوسطى بأكملها، وتقع في مدينة الذيد وتُدرس المنهج الهندي، فإن أقرب مدرسة خاصة للمنطقة تقع في مدينة الشارقة التي يتطلب الوصول إليها قطع مسافة لا تقل عن 55 كيلومتراً، ويستغرق زمن الوصول إليها ساعة وربع الساعة، ما يشكل إرهاقاً للطلبة وعبئاً مالياً على أولياء أمورهم، لأن معظم المدارس الخاصة بمدينة الشارقة لا توفر مواصلات للمناطق الواقعة خارج المدينة، كالذيد والمدام ومليحة وغيرها.

وقال: «في حال لم يحصل أحد ابنيّ أو كلاهما على الدرجة العلمية التي اشترطتها الوزارة، فإنني سأضطر إلى نقلهما لمدرسة خاصة بمدينة الشارقة ومن ثم سأكون مضطراً للبحث عن عمل آخر قريب من هذه المدرسة، حيث أعمل حالياً مهندساً مدنياً في إحدى الشركات الخاصة، وتحديداً في أحد المواقع الإنشائية القريبة من مدينة الذيد، وكذلك سيحتم عليّ هذا الأمر تغيير مكان سكني، ما سيزيدنا إرهاقاً مالياً، إذ إن قيمة الإيجارات السكنية في مدينة الشارقة تفوق قيمة الإيجارات في المنطقة الوسطى».

وتابع: «لا يمكنني أن أضمن حصول ابنيّ على النسبة التي حددتها الوزارة في المواد الثلاث المشار إليها، على الرغم من أن مستواهما الدراسي جيد إلا أن أدوات التواصل لديهما محدودة بسبب صعوبة النطق الناتج عن مشكلات السمع لديهما».

فيما أبدت روان علي الفايد، من جنسية دولة عربية وأم لطالبة في الصف التاسع بإحدى المدارس الحكومية بالمنطقة الوسطى، استياءها من قرار الوزارة بخصوص تحديد نسبة استمرار الطلبة غير المواطنين في المدارس الحكومية بأن لا تقل عن 85% في ثلاث مواد دراسية، مشيرة إلى أنه قياساً بالمناهج الدراسية ذات المحتوى الصعب والتكاليف المدرسية اليومية المطلوب من الطلبة تقديمها لجميع المواد، فإن فرصة حصولهم على النسبة المطلوبة صعبة، بل وتشكل تحدياً كبيراً أمام الطالب ذي المستوى المتوسط، وأمام ذويه الذين سيكون الحل الوحيد المتوافر أمامهم هو تسجيل ابنهم في مدرسة خاصة، وعليهم توفير الرسوم الدراسية والكتب والمواصلات التي يزيد مجموعها في السنة على 30 ألف درهم، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا المبلغ يكون للمدارس ذات المستوى التعليمي العادي.

وفي ردّها على سؤال لـ«الإمارات اليوم» حول موقف طلبة المدارس في المناطق البعيدة، التي لا يوجد بها مدارس خاصة، أفادت وزارة التربية والتعليم بأنها حددت «جملة أمور تلعب دوراً رئيساً في قبول الطلبة الوافدين بالمدارس الحكومية، منها ضرورة استيفاء شرط التميز الدراسي (أي حصول الطالب على معدل 85% في مواد الرياضيات واللغة العربية والإنجليزية)، كما يرتهن قبول الطلبة بمدى توافر طاقة استيعابية في المدرسة، شريطة ألا تتجاوز نسبة الطلبة الوافدين في الفصل الدراسي والمدرسة بشكل عام 20% من إجمالي الطلبة بها، وذلك وفقاً لقرار مجلس الوزراء».

تويتر