مدرسون حمّلوا الأسرة المسؤولية عن «القطيعة مع مستقبل أبنائهم»

آباء طلبة: التواصل بين البيت والمدرسة يبـدأ من المعلم

مجلس أبوظبي للتعليم رسم الخطوط الأولى للعلاقة بين المنزل والمدرسة. تصوير: إريك أرازاس

تبادل آباء طلاب ومعلمون الاتهامات حول المسؤولية في ضعف العلاقة بين الأسرة والمدرسة، فقد أكد ذوو طلبة في مراحل دراسية مختلفة، أن معظم المعلمين لا يؤدون الدور المنوط بهم بصفة كاملة، معتبرين أن مسؤولياتهم لا تنتهي عند إلقاء الدرس، أو التسميع للطلبة، بل تمتد إلى بناء علاقة حقيقية مع ذوي الطلاب، من خلال سعيهم الدائم إلى اطلاعهم على كل ما يتعلق بأبنائهم من أمور، سلبية كانت أم إيجابية.

وقالوا لـ «الإمارات اليوم» إن دعوة مجلس أبوظبي للتعليم إلى اعتبار الأسرة شريكاً في العملية التعليمية، تمثل خطوة بالاتجاه الصحيح، وإن على المعلم أن يبذل جهداً إضافياً لتحقيق هذه الغاية، حتى لا يكون التواصل المنشود مجرد إجراء روتينيّ، غير مثمر، مشيرين إلى ضرورة التواصل المستمر بين المعلم وآباء الطلاب، لتبادل الآراء حول ما يمكن فعله من أجل مساعدة أبنائهم على تحسين مستوياتهم الدراسية.

وفي المقابل، وصف معلمون دور الأسرة في العملية التعليمية بأنه سلبي، وقالوا إن ذوي الطلبة تركوا المسؤولية كلها على عاتق المدرسة، وتجاهلوا دور المنزل الذي يتضمن الرقابة والرعاية معاً، معلنين ما يشبه القطيعة مع مستقبل أبنائهم.

وكان مجلس أبوظبي للتعليم قد حدد النموذج المدرسي الجديد، الذي يلزم المدارس بوضع سياسة لمشاركة آباء الطلاب في العملية التعليمية، طالباً إخطارهم والعاملين في المدرسة بهذه السياسة، كما طلب بياناً بالاتصالات والمراسلات التي ستجريها المدرسة مع ذوي الطلبة في إطار حرصها على انتظام الاتصال الدوري من خلال وسائل الاتصال المتنوعة، ومن بينها النشرات الدورية التي تصدرها، والمكالمات الهاتفية والرسائل النصية، والالكترونية، واللقاءات المباشرة، مع بيان أساليب التواصل معهم، وعدد مرات الاتصال المتوقعة.

المشاركة في الحوار

وتفصيلاً، قال سلام الغامري، والد طالبتين في المرحلة الاساسية، إن العلاقة بين الآباء والمعلمين ليست بالدرجة التي تحقق المشاركة المرجوة، مؤكداً ضرورة أن تمتع رجال التعليم بالمعرفة والمهارات الضرورية للعمل مع الآباء، لنجاح برامج المشاركة التي تعلن عنها المدارس.

وطالب الغامري المسؤولين عن العملية التعليمية، بمساعدة المعلمين الجدد على تحقيق الوضع المهني لأدوارهم من خلال المشاركة في الحوار مع آباء الطلاب، والمجتمع المحلي، وأن يقتنع المعلمون بأهمية ذلك لتحقيق الأهداف التعليمية المرجوة.

التحديات

واقترحت «أم خالد»، وهي والدة أحد طلبة المرحلة الثانوية، تضمين البرامج المدرسية سلسلة من الأنشطة الاجتماعية المختلفة ودعوة الآباء للمشاركة فيها، للاستفادة من خبراتهم المتعددة، ووظائفهم التي يمارسونها.

وأكدت أن دور المعلم لا يقتصر على علاقته بالطالب، بل يمتد الى بناء علاقة إيجابية مع ذويه، للمساعدة على توضيح التغيرات النفسية والسلوكية التي تحدث للأبناء في سن المراهقة، ومساعدة المنزل في التحديات التي تطرأ على الطلاب عند الانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى، وما يواجه الآباء في هذه المرحلة من صفات، كالتمرد، والقابلية للعنف، والتأثر السلبي بالأصدقاء.

وأشارت إلى أن توضيح هذه الأمور للآباء من أساسيات عمل المعلم «الذي يجب أن يعلم أن اتصالاته مع الآباء يجب ألا تكون للشكوى من انخفاض المستوى التعليمي فقط، ولكن بهدف اتباع منهج اتصال دوري، ومستمر، من خلال الهاتف أو غيره من أدوات الاتصال، لإرسال تقارير التقدم الأكاديمي، حتى يمكن توجيه الآباء إلى بذل مزيد من الجهد، للتعاون مع المدرسة في حل الصعوبات القائمة والمتوقعة.

ولفت ناصر الشريمي، والد طالب في المرحلة الثانوية، إلى ضرورة اتسام العلاقة بين المدرسة والآباء بالفاعلية المستمرة، لإظهار الجانب الإيجابي لأداء الأبناء، وألا يتم استدعاء ذوي الطالب كنتيجة لوجود مشكلة سلوكية معينة، أو إبداء ملاحظات على مستواه الأكاديمي، فقط، بل لوجود علاقة طبيعية متكاملة الجانبين.

وشدد الشريمي على ضرورة أن تتسم تقديرات المعلم للأداء الأكاديمي والسلوكي لطلبته بالدقة المتناهية، وأن تشتمل إيضاحاته للآباء على مقدار الجهد الذي يبذله الطالب، وسلوكياته في الصف، ومدى تحمله المسؤولية، والقدرة على المشاركة في الأنشطة الصفية، حتى يتاح لهم التعرف إلى إمكانات المعلم ويثقوا بأدائه، ما يخلق شعوراً بالارتياح لديهم، ويسمح لهم بالتعاون معه، ومساعدة المدرسة على تحقيق أهدافها.

معلومات ضرورية

وقالت «أم علي»، والدة طالبة في الصف العاشر، إن دعوة المدرسة للأمهات بصورة منتظمة لتعريفهن بمستوى أداد بناتهن الدراسيّ، وسلوكياتهن داخل المدارس ومع الطالبات والمعلمات، يسهم في خلق علاقة إيجابية مثمرة بين المعلمة والأم. ودعت المدرسة إلى الاستفادة من تجارب الأمهات العاملات في بعض الوظائف، أو صاحبات الهوايات، للمساعدة على إنجاح برامج المدرسة المختلفة.

في المقابل، أكد مدرس اللغة العربية، أحمد صلاح، أن دور الاسرة الرقابي غائب، وأن هناك قطيعة غير مفهومة بين ذوي الطالب ومستقبله، مضيفاً أن العبء كله تتحمله المدرسة، إذ لا يبذل الأهالي جهودا حقيقية لتوصيل المعلومات الضرورية إلى المدرسين حول تصرفات طلابهم في المنازل، وسجلاتهم المرضية، ونقاط الضعف والقوة لديهم، على الرغم من أن الحصول على هذه المعلومات يعتبر أمرا بالغ الأهمية لمساعدتهم على تحقيق أهداف تعليمية أفضل.

وأشار صلاح إلى أن توطيد العلاقة بين المدرسة والمعلم من جهة، وذوي الطلاب من جهة أخرى، يعتمد على عوامل إيجابية مهمة، مثل استدعائهم لمناقشة تفوق أبنائهم، وليس فقط للتطرق إلى المشكلات التحصيلية التي قد يعانونها.

معالجة المشكلات

وقال معلم التربية الإسلامية، خليل عمر، إن الاتصالات بين الآباء والمعلمين في معظم الأحوال تكون مترددة وغير مستمرة، وتنقصها الصراحة والوضوح، مضيفاً أن كلا الطرفين يخشى الصراع مع الطرف الآخر، ويميل إلى الإقلال من المعلومات المهمة، أو إلى حجبها كلياً في حال شعوره بأنها من الممكن أن تؤدي إلى الخلاف، ولاسيما إذا كان الطرفان ينتميان إلى خلفية ثقافية مختلفة.

وأكدت مديرة مدرسة خاصة أن تعزيز علاقة ذوي الطلاب بالمدرسة يساعد على تحسين الأداء الدراسي للأبناء، مضيفة أن مشاركة الآباء تعمل على زيادة دعم المجتمع للعملية التربوية، ومساندة خطط إصلاح التعليم وتطويره، من خلال تقديم الدعم المعنوي والمادي.

وشددت المديرة السابقة لمدرسة المواهب النموذجية، أمل عفيفي، على ضرورة أن يكون هناك اتصال دائم بين المدرسة ومجلس الآباء والأمهات لإيضاح نقاط الضعف والقوة في مستوى الطلاب، وما يطرأ عليهم من تغيرات خلال الفصل الدراسي، للوقوف على أسباب هذه التغيرات والتعاون بين المدرسة والمنزل لمعالجتها، أو تنميتها، مشيرة إلى ضرورة التنمية المستمرة للعلاقة بين المعلم والمنزل، من خلال اتباع نظام اتصال يعتمد على توجيه رسائل متعددة، تبرز قدرة المعلم وخبرته في معالجة المشكلات الطلابية السلوكية.

دور المنزل

وذكر مدير مدرسة المتنبي، عبدالله جاسم، أن علاقة المدرسة بذوي الطلبة تهدف إلى إشعار الطالب بأنه مراقب من المدرسة والمنزل، مشيراً إلى أن الابن بمجرد معرفته بأنه متابع من والده يحرص على دروسه بشكل أفضل، ويهتم بعمل واجباته المدرسية بصورة أكبر، إضافة إلى أن دور المنزل مكمل لدور المدرسة في بناء شخصية الطالب، وإعداده جيداً للمستقبل، لذلك يجب ان تكون هناك مشاركة وتبادل للخبرات بينهما.

من جانبه، أكد المدير التنفيذي للعمليات المدرسية في مجلس أبوظبي للتعليم، محمد سالم الظاهري، أهمية دور الأسرة في العملية التعليمية، لافتا إلى أنها «شريك في العملية التعليمية، لا تستقيم مسيرة الطالب التعليمية إلا في وجوده».

وشدد الظاهري على أن إنشاء مجلس أبوظبي للتعليم ساعد كثيراً على توسيع مشاركة ذوي الطلبة في العملية التعليمية، ما أتاح لهم التعرف إلى المناهج والبرامج التي يدرسها الطالب، وأدخلهم في مضمون العملية التعليمية من خلال التواصل المستمر والتفاعل الايجابي مع المدرسة، بما يعود بالنفع على العملية التعليمية، ويحقق الأهداف المرجوة، ويعطي فرصة لهم في توصيل رسالة المجلس والمدرسة الى المجتمع المحلي، إضافة إلى توضيح الخطط والمتغيرات والمفاهيم الجديدة التي تصدر عن المجلس.

وأشار الى أن «المدرسة هي التي تحدد الوقت المناسب للاجتماع بذوي الطلبة، لكن من حق ذوي الطالب أن يطلبوا من المدرسة تنظيم اللقاءات التي يريدونها مع المعلمين».

تويتر