القائد قبل فريق العمل

سامي الريامي


 بعد نقاش طويل مع أحد الإخوة العرب حول الأوضاع الاقتصادية في الدول العربية، اختتم حديثه قائلاً: «يا أخي أنتم تملكون تجربة فريدة من نوعها، انتقلتم في سنوات قصيرة الى مصاف الدول المتقدمة، واستطعتم رغــم كل ما يقال أن تنجوا بأنفسكم من العالم الثالث إلى عالم أرقى وأفضل، وبصراحة ليتنا نجد في كل دولة عربية نموذجاً لشخص اسمه محمد بن راشد آل مكتوم».

وبصراحة هذه الجملة تكررت كثيراً في الآونة الأخيرة، وسمعتها شخصياً من صحافي عربي وجّهها مباشرة إلى صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد في إحدى المناسبات، فهل تريدون أن تعرفوا وجهة نظر سموّه في هذا الشأن؟

أجاب الشيخ محمد بن راشد بالحرف الواحد الأخ السائل: «صدقني يا أخي، محمد بن راشد بمفرده لن يستطيع تحقيق المستحيل، ولكن هل تريد أن أدلّك على أسباب النجاح التي جعلت من محمد بن راشد قائداً ناجحاً؟

أولاً يجب أن تعرف أن القائد الناجح هو الذي يصنع فرق عمل متميزة، ودبي ولله الحمد تعمل بدقة من خلال فرق عمل مبدعة ومنتجة، هذه الفرق التي تعمل ليل نهار كان لها أكبر الأثر في الوصول الى المستويات العالمية، ثانياً يجب أن يعرف الجميع ـ والكلام لسموّه ـ

أن الظروف والإمكانات التي توافرت لمحمد بن راشد لم تكن متوافرة في العهود السابقة، وبالتالي فإن الإنجاز الحالي في الوقت الراهن كان له صدى أوقع وتأثير إيجابي أشد وأكثر تأثيراً».

وبالتأكيد لا يختلف أحد على أهمية العمل بروح الفريق، وإعطاء الصلاحيات للمبدعين حتى يظهروا إبداعاتهم وطاقاتهم، كما لا نختلف أبداً في أهمية الإمكانات المالية والبشرية والأدوات التي تساعد القائد على النجاح، ولكني أعتقد أن القيادة هي المحور الرئيس في عمليات التطوير، ولربما هي العامل الفطري الذي بثّه الخالق في شخصيات من البشر ورفعه عن شخصيات أخرى، ولنا أن نتخيل أهمية دور القائد ليس عند بني البشر فقط،

بل حتى عند الطيور التي تفتقد تجانسها وتتيه عن دربها في حالة فقدانها «قائد السرب» تحت أي ظرف، بل إن خبراء «القنص» يؤكدون أن أسهل طريقة لاصطياد مجموعة من الغزلان هي اقتناص «عقيدها» أي الغزال القائد، لأنه وبمجرد إصابته يتخبط القطيع بأكمله، ويبقى لدقائق معدودة يدور حول نفسه لا يعرف أين الطريق!!

أما الإمكانات فهي أمر لابد من توافره للنجاح، هذا صحيح بنسبة كاملة، ولكن هل لنا أن ننظر حولنا في كثير من دول العالم، وننظر بعين تحليلية، كم من دولة توافرت لها إمكانات هائلة تفوق ما توافر لمحمد بن راشد، أين هي من الإنجاز، وأين هي من الإبداع، وأين هي من التطور؟!

نتفق تماماً مع الشيخ محمد بن راشد في أهمية وجود فرق عمل، وضرورة توافر الإمكانات، ولكننا نضيف ما لم يرد أن يضيفه سموّه لدواعي التواضع وتشجيع الآخرين، وهو أنه لا يمكن أن ينجح فريق عمل مهما وصل إبداع أعضائه إذا لم يكن على رأسه قائد ناجح،

ولا يمكن للإمكانات وحدها أن تصنع مجداً، لولا وجود من يُحسن استغلالها، ويعرف كيفية توجيهها، ويرسم لها الرؤية والتخطيط الاستراتيجي للانتفاع منها بالشكل الأمثل.

reyami@emaratalyoum.com
تويتر