أقول لكم

محمد يوسف

   
الأمن الغذائي لا يمكن الاستهانة به، وما سمى كذلك اعتباطاً، بل لأنه يتساوى في الدرجة والأهمية مع الأمن العام، وفي كثير من الدول يشـمل الأمن القومي أو الوطني الجيش والشرطة والمياه والغذاء والصحة، ولهذا نحن مطالبون بالانتباه إلى ما يحدث عندنا من تلاعب بأمننا الغذائي.

 
قبل شهرين كانت تحركات المحتكرين للبيض والدجاج الطازج، أى تحالف مزارع الدواجن، وهي معدودة ومتحكمة في السوق، وعندما بدأ البيض يختفي، وبدأت الأسعار ترتفع، اكتشـفنا أننا نمنع الاستيراد من بعض الدول منذ سـنوات، خصوصاً الدول المجاورة، والحجة قرارات قديمة كانت تخشى انتشـار «إنفلونزا الطيور»، وما عادت أسـواقنا إلى طبيعتها إلا بعد أن تمت الموافقة على رفع الأسـعار، فامتلأت أرفف الجمعيات الاسـتهلاكية والمحال بالبيض، وفاضت الثلاجات بالدجاج.
 
واليوم نواجه قضية الأرز، «العيش»، هكذا سـميناه، وهكذا هو بالنسبة إلينا منذ القدم، وبدأت حرب زيادة الأسـعار، أو الامتناع عن التوريد، وتزويد المراكز بالكميات التي تغطي حاجة الناس، ويقال إن قرار التجار، والذين لا نظن أنهم يزيدون على أصـابع اليد الواحدة، سـينفذ شـئنا أم أبينا، سـواء بالرضوخ لمطالبهم برفع الأسـعار كما يحلو لهم، أو باستيراد الأرز نفسه تحت مسميات جديدة لا تخضع للتسعير، أو طلب الأذن بتحـديد أسـعار لها، فتختفي «السـنارة» ويظهر «الميدار» أو «الشراع» أو «البسـمتي الفاخر» أو حتى «الميداف».
 

 وماذا بعد؟ هل ننتظر حرباً جديدة بالنسبة إلى اللحوم؟  أم حرباً ما بين شركات تعبئة المياه والناس؟ أم ننتظر كل شيء يخطر على البال، ما دمنا قد تركنا أمننا الغذائي في يد مجموعات محتكرة تتلاعب بما نأكل ونشـرب؟

إنها قضية بحاجة إلى بحث ودراسـة وحلول، ونحن هنا لا نحمّل وزارة الاقتصاد مسؤولية ما يحدث؛ لأننا نعلم أن هناك جهات محلية في الدولة تملك سـلطة القرار والتطبيق، وهي نفسها التي تدخلت لحماية الاقتصاد عندما فلتت مسألة الإيجارات، فأعادتها إلى الاسـتقرار دون أن يعترض أحد، أو يتمكن أحد من رفض تدخل السـلطات المحلية، وهذا يعيدنا من جديد إلى موضوع الاحتكار وسـيطرة عدد محدود من التجار على قطاع كامل.    
myousef_1@yahoo.com
تويتر