الرواية والحرية

أحمد السلامي

   
يجتمع اليوم الأحد في القاهرة عدد كبير من الروائيين والنقاد في الملتقى الرابع للإبداع الروائي العربي، وقد اختارت اللجنة المنظمة موضوعا للملتقى بعنوان «الرواية العربية الآن»، ومن المتوقع أن يصدر خلال الملتقى كتاب مرجعي يضم أوراق العمل وأبحاث المشاركين بعنوان «المشهد الروائي العربي».


تصفّحت جدول فعاليات الملتقى فوجدته يزدحم بعناوين مهمة ومحاور أساسية، لكن المنظمين أغفلوا إدراج محور مهم جداً له علاقة براهن ومستقبل الرواية العربية وهو الرقابة وغياب الحرية التي من دونها لن تتطور الكتابة السردية العربية.


إن الحديث عن أسئلة الكتابة في الرواية العربية الجديدة يظل ناقصاً ما لم يتطرق إلى مسألة الحرية شرطا للإبداع، وهنا يكمن سر نجاح الرواية الغربية إضافة إلى التراكم التاريخي وتطور تقنية السرد.


لا أخفي انحيازي للرواية الغربية الكلاسيكية والجديدة، ولا استغرب حين أجد أغلب الكتّاب والمثقفين العرب يتابعون الرواية الجديدة في فرنسا ويتحدثون عن مراحل تطورها وعن أهم روادها، بل إن نسبة مبيعات الروايات المترجمة إلى العربية تفوق بكثير نسبة مبيعات الرواية العربية.


يقال إن ازدهار الرواية يمثل انعكاسا للمجتمعات الصناعية الحديثة، وإذا ناقشنا هذه المقولة سنجد ان البعض يكتفي بالإشارة إلى ملمح التطور الاجتماعي ويتجاهل تزامن هذا التطور مع اتساع رقعة الحرية، وبالتالي فإن أي تطور في المجتمعات العربية لا يقترن باحترام المجتمع والسلطة لحرية الإبداع لن يؤدي إلى تطور أي شكل من أشكال الفنون والآداب.


إن تأمل راهن الرواية العربية اليوم لا يحتاج إلى نقاش طويل إذا ما اتجهنا إلى مقارنتها بالرواية الغربية، وحين نتذكر عناوين الروايات العربية التي اشتهرت في أوساط القراء نجد أنها واجهت رقابة حكومية قاسية ومنعت من التداول في معارض الكتاب العربي.


نتذكر على سبيل المثال، الروائي المغربي الراحل محمد شكري وروايته الشهيرة «الخبز الحافي»، والروائي حيدر حيدر صاحب «وليمة لأعشاب البحر»، وأعمال رؤوف مسعد صاحب «بيضة النعامة».. وغيرهم من الكتّاب الذين حاولوا القفز على الخطوط الحمراء التي تضعها السلطات والمؤسسات الرسمية والشعبية.


ومن اليمن نتذكر معاناة الروائي وجدي الاهدل مع الرقابة عقب صدور روايته «قوارب جبلية»، وكذلك ما حدث مع رواية «صنعاء مدينة مفتوحة» للكاتب الراحل محمد عبدالولى التي صدرت في بيروت قبل 30 عاماً، وحين قامت إحدى الصحف المحلية بإعادة نشرها على حلقات واجهت حملة انتقادات شرسة كادت أن تتسبب في توقيف الصحيفة ومحاكمة رئيس تحريرها. لا أتوقع أن يتجاهل المشاركون في ملتقى القاهرة للإبداع الروائي العربي إشكالية الكتابة السردية وغياب الحريات، ولابد أن تفرض هذه الإشكالية نفسها إذا كان الملتقى جادا في الخروج برؤية لتشخيص راهن الرواية العربية. 
 

 slamy77@gmail.com

تويتر