أحلام صغيرة تنمو في «بدايتي»

منتجات أم سعيد تعتمد على التراث الإماراتي.               تصوير: دينيس مالاري

يمثّل جناح «بدايتي» في القرية العالمية نقطة انطلاق لشباب أصحاب مشروعات صغيرة ومتوسطة، إذ يوفر لهم بيئة خصبة لعرض منتجاتهم أمام آلاف الزوار، ويمنحهم فرصة التعرف الى احتياجات المتسوقين، ورغباتهم المختلفة، ويساعدهم على تحقيق طموحاتهم. ويشغل المواطنون من الشباب والشابات، النسبة الأكبر من أصحاب المشروعات المشاركين في جناح «بدايتي» الذي تستضيفه القرية العالمية في دبي للمرة الاولى منذ انطلاقها، بالتعاون مع برنامج «فرصتي» في وزارة الشؤون الاجتماعية، لمساعدة المبتدئين، ونقل مشروعاتهم وأحلامهم الصغيرة إلى مجال أرحب.

ومن المشاركين المواطنة (أم سعيد)، (ربة منزل)، التي حرصت على خوض تجربة «بدايتي» للقضاء على وقت الفراغ الكبير الذي تعاني منه أولاً، فضلاً عن رغبتها في تسويق منتجاتها اليدوية المختلفة، التي أدركت فنون صنعها وتزيينها من خلال دروس والدتها التعليمية، وتجاربها الشخصية. وأضافت (أم سعيد) لـ«الإمارات اليوم»: «تعتمد أغلب منتجاتي على إحياء التراث الإماراتي، الذي يظهر جلياً في صناعة العطور والدخون، من خلال العمل على ابتكار خلطات خاصة، ألجأ فيها إلى استخدام مجموعة منوعة من الروائح العطرة، التي تشهد إقبالاً كبيراً، رغم رواج نظيراتها من العطور الأجنبية، إلى جانب الجلابيات التي أحوكها بنفسي، وأقوم باستخدام التطريزات المحلية المنوعة، وفي مقدمتها (التلي)، الذي شهد رواجاً كبيراً بعد المسلسل الكرتوني الإماراتي الشهير (الفريج)، حيث كانت ترتديه بطلاته الأربع».

مسؤولية اجتماعية 

أكد المدير التنفيذي للقرية العالمية سعيد علي بن رضا، لـ«الإمارات اليوم»، أن مشروع «بدايتي»، الذي يحتوي على أكثر من 55 محلاً، على مساحه تبلغ أكثر من 2000 متر، في القرية العالمية «يعد جزءاً لا يتجزأ من المسؤولية الاجتماعية للقرية، التي تهدف إلى دعم أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من مختلف الجنسيات والفئات العمرية، من خلال توفير مكان خاص بهم بأسعار رمزية يتيح لهم عرض وبيع منتجاتهم»، مشيراً إلى أن الجناح يضم أعمالاً متنوعة مثل الأشغال اليدوية والحرفية والصور ومستحضرات التجميل المصنع بعضها يدوياً، وغيرها من المنتجات.


واجهة الجناح الإماراتي.

منتجات مبتكرة

ولفتت (أم سعيد) إلى أنها تصنع حقائب الرحلات، عن طريق استخدام (السدو)، الذي يعد من الصناعات التقليدية القديمة، وهو عبارة عن نسيج من الصوف، يدخل في استخدامات عدة خصوصاً عند البدو، حيث يعتبر العنصر الأساسي في تكوين بيوت الشعر لديهم، موضحة «تشمل حياكة السدو مجموعة منوعة من الزخارف والنقوش مستوحاة من البيئة البدوية، تأخذ ألواناً مختلفة، وغالباً ما يطغى عليها الأسود والبيج والأحمر، وللحفاظ على هذه الحقائب لفترة أطول، ولضمان عدم تعرضها للتلف، أقوم باستخدام (النايلون) لتغطيتها، الأمر الذي يسهل عملية تنظيفها».

وابتكرت (أم سعيد) إلى جانب المنتجات التقليدية التي تقوم بصناعتها، مجموعة من المنتجات التي من شأنها إضافة لمسات جمالية على الإكسسوارات المنزلية، ومنها عبوات المحارم الورقية من (الكوروشيه)، وأغطية خاصة من التول والدانتيل لأدوات الضيافة وأواني الفاكهة، الأمر الذي يحميها من الغبار والأتربة، واقتراب الحشرات الصغيرة، لاسيما حين يتم استخدامها في الأماكن المكشوفة، وغيرها العديد من المنتجات التي تصنعها يدوياً (أم سعيد) التي قالت: «إيماني بقدرتي على الابتكار، ورغبتي في العمل، دفعاني إلى صناعة العديد من المنتجات، التي بدأت تسويقها من المنزل، واليوم من خلال (بدايتي) ستأخذ منحىً آخر في مجال التسويق، لا يقتصر على المعارف والأصدقاء، بل سيتعداه ليشمل مجموعة واسعة ومنوعة من الزبائن».

نماذج منوّعة

أما المشارك إزبير محمد البلوشي (طالب)، فذكر أن رغبته في خوض غمار تجارة الأعمال الحرة، عن طريق البدء في مشروع صغير، كانت هي الحافز إلى المشاركة في جناح «بدايتي»، مضيفاً «تتمثل مشاركتي في بيع مجموعة من المنتجات المدرسية الخاصة بالفتيات، ونماذج منوعة من الإكسسوارات الخاصة بالفتيات، والتي تتميز بطابع مميز يطغى عليها اللون الزهري، إلى جانب صور وأشكال مميزة تحظى بإقبال وإعجاب الفتيات».

وعزا البلوشي تركيزه على هذا النوع من المنتجات، إلى قلة توافرها في الأسواق، لذا يعمد هو الى جلبها من ماليزيا، وعرضها بأسعار يندر كذلك توافرها في الأسواق، والتي لا تتعدى 150 درهماً، على حد تعبيره، «وأكد لي الإقبال الذي شهدته، صحة اختياري، وسأعمل بإذن الله على الاستمرار في هذا المشروع، الذي آمل أن يشق طريقه مستقبلاً في عالم الأعمال».

ويقف مشروع «فرشاتي» العائلي، شاهداً على تنوع أفكار المشروعات الموزعة في جناح «بدايتي»، والذي تقوم فكرته التي ابتكرتها خمس مواطنات تربطهن صلة قرابة، على رسم وتلوين كل الرسومات والأشكال التي يطلبها الزبائن، على البلوزات القطنية المعروفة بـ«تي شيرت»، وتزيينها بالعبارات والجمل التي يختارونها، تحت عنوان «فرشاتي».

وقالت صاحبة فكرة المشروع شيخة المري: «ساهمت مشاركتنا الأولى في (بدايتي)، في الإقبال الكبير الذي حظينا به من مختلف الجنسيات والفئات العمرية، هذا إلى جانب أسعارنا الزهيدة والتي تراوح بين 75 - 150 درهماً، ونحن على يقين من أنها ستمهّد الطريق أمامنا للولوج إلى سوق الأعمال».

زخارف

ويضم «بدايتي» مشروعات خاصة تعنى بتزيين أدوات الضيافة العربية، بمجموعة من الزخارف والنقوش، وباقة منوعة من الكريستالات والأحجار الكريمة. ومنها مشروع المواطنة شاهة الحرز، الذي يشتمل على مجموعة منوعة من أدوات الضيافة التي قامت بتزيينها بنقوشات مختلفة من الحناء التي ابتكرتها بنفسها، وذلك من خلال استخدام أدوات خاصة للرسم، على حد قولها، مضيفة «بدأت عملي هذا من خلال تزيين الأكواب نظراً لصغر حجمها الذي يتيح لي فرصة أكبر للتحكم في عملية التزيين، التي لاقت إعجاب وإقبال السيدات، إلى جانب النقوش والزخارف التي تعتبر أساس عملية التزيين لدي، وأحرص على استخدام مجموعة منوعة من الإكسسوارات المختلفة، مثل الفصوص والكريستالات والطرابيش والكورشيه وغيرها». ونوهت بأنه على الرغم من بدايتها الحديثة في هذا المجال التي لم تتعدَ السنة، فقد حظيت بإقبال كبير فاق التوقعات، حيث حظيت بزبائن من دول الخليج المجاورة إلى جانب الزبائن المحليين.

ويعد مشروع الأختين نجلاء ومريم السويدي، ضمن برنامج «فرصتي»، التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، والذي يحمل عنوان «غيرني»، أحد أبرز المشروعات في جناح «بدايتي».

وقالت نجلاء السويدي: «تقوم فكرة المشروع على استديو تصوير، يوفر مجموعة منوعة من الملابس التي ترمز إلى شخصيات كرتونية معروفة، وأخرى تنتمي إلى فترات زمنية معينة، ونقوم على إثرها بإجراء تغييرات واضحة على الشخص المقبل على عملية التصوير، ولذلك كان عنوان (غيرني) الأنسب للمشروع».

مضيفة «على خلاف توقعاتنا، شهد المشروع إقبالاً كبيراً من الشباب، الذي يقومون باختيار الملابس التي ترمز إلى الشخصيات الكرتونية المعروفة. ونحن على يقين بأن (بدايتي)، من شأنه إحداث نقلة نوعية في مشروعنا الحديث، نظراً للإقبال الكبير الذي يشهده، والذي يؤكد هدفه المتمثل في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة».


البلوشي يعرض نماذج من مشروعه.

تويتر