الـ«بلاي ستيشن».. ألعاب أخذت مــحلّ الساحات

بعض الألعاب قد تكسب الأطفال سلوكاً عنيفاً. تصوير: يونس الأمير

كانت الملاعب والمساحات الشاسعة أو الضيقة أمام البيوت هي المكان الذي يلعب فيه الأطفال والمراهقون منذ زمن ليس ببعيد كثيراً. وقد بدأت هذه الظاهرة تنقرض مع التطور التكنولوجي، حيث بدأت تحل ألعاب الـ«بلاي ستيشن» والكمبيوتر مكان الساحات، وبدلاً من التحريك الذهني والجسدي، أصبح الأطفال والمراهقون متسمّرين أمام الشاشات يلعبون، ويصرخون وبالطبع من دون أن يقوموا بأدنى حركة جسدية. ولا يمكن القول إن هذه الألعاب هي ذات تأثير سلبي فقط، فهي تنشط ذهن الطفل وتشجعه على التركيز لحل المشكلات التي يتعرض لها خلال اللعب. ولكن خطورتها الحقيقية تكمن في إدمان المرء عليها أو حتى في اكتسابه العنف كون معظمها ألعاباً قائمة على الصراع والقتل.

 
تدريب على القتل

أكد الاستشاري في الطب النفسي الدكتور علي الحرجان، «أن أجهزة الاستخبارات والأمن العالمية أوجدت الألعاب التي تحتوي على العنف كوسيلة يمكن من خلالها تدريب موظفيها على القتل، إذ يمكن من خلال ممارسة الألعاب أن يتمرس الرجال على القتل». لذا لفت الحرجان إلى «وجوب التقليل من مشاهد العنف في ألعاب الأطفال لأن هناك الكثير من القصص الحقيقية التي قلدها الأطفال وبالتالي كانت النتائج مأساوية».


وأوضح المنتج في شركة ديزني، جيسون ريد، فكرة الألعاب التي تنتجها الشركة وخصوصا التي تعتمد على الصراع والمقاتلة بين الطفل وأغراض موجودة في المنزل، وقال «أطلقت الشركة أخيراً لعبة جي فورس، وهي تقوم على الصراع بين الشخصيات الرئيسة وبين أغراض وليس البشر». واعتبر ريد ان «الألعاب تقوم على الصراع، لان هذا الصراع الموجود بين الخير والشر دائم في الحياة، وبالتالي أننا نعمد من خلال هذه الألعاب أن نجعل الأطفال يقاتلون الأغراض وليس الكائنات الحية كي لا نبيح القتل والعنف وكي يصلوا الى الخير». واستدرك ريد بالقول، «إن اختيار اللعبة وطريقة الصراع عادة ما يتبع العمر وعندما نتجه إلى الأعمار فوق الـ16 سنة، فتختلف المفاهيم وأسلوب اللعب». واعتبر أنه «فعلياً قبل وضع أي لعبة هناك الكثير من الأمور التي تدرس، فعادة لا نمنح الشخص الذي يلعب مكافأة أو نقاطاً إضافية على تحقيق نتائج مهمة أو حين يقتل أحداً، كما أننا لا نضع في الألعاب عبارة عمل جيد، فهذه أمور تبعد المرء عن انتهاج العنف في حياته، وكذلك عن أن القتل فعل ايجابي يستحق المكافأة». وعن سبب عدم ترجمة الألعاب التي تباع في الأسواق المحلية إلى العربية، قال ريد، «إن اللغة العربية مهمة وليس فقط في الدول العربية بل في كل أنحاء العالم، ولكن في المستقبل اعتقد أننا سنرى اللعب المستمدة من المنطقة، وهذا سيأتي بفعل التوسع في الإنتاج ومركز الإنتاج حول العالم». أما لجهة طول اللعبة والذي قد يصل إلى ما يقارب الـ12 ساعة، فرأى ريد، «أن الألعاب عادة ما تكون محتوية على إمكانية التوقف ومتابعتها لاحقاً من نقطة التوقف، إذ تكون الألعاب مقسمة إلى مقاطع ولا تطول مدة المقطع الواحد عن 15 دقيقة، لذا فإن فترة جلوس الطفل ستكون مرتبطة بإرادته ورقابة أهله».

متطلبات السوق

من جهته رأى المدير العام لتوزيع الألعاب في شركة بلوتو آنجي مكارتين، أنه «لدى تسويق أي لعبة هناك الكثير من العوامل التي تؤخذ بعين الاعتبار، ولاسيما عند الحديث عن الـ(بلاي ستيشن)، فعلينا النظر إلى شركائنا ومتطلبات الأسواق، وكذلك إلى المجتمع الذي نتوجه إليه».

ونوّه مكارتين إلى وجود بعض الألعاب التي تكون نابعة من قصة حقيقية لفيلم حقيقي، مؤكداً أن وجود لعبة تحمل مفهوم فيلم معين يقرب الأولاد والذين يلعبونها أكثر إلى فكرة اللعبة.

واعتبر أن «وضع الأعمار على اللعب أمر مهم جداً، ولهذا فإن اعتماد نوعية اللعب وكذلك القتال ينبع من العمر، فأحيانا يكون القتال مع أغراض وليس مع بشر لأنه ليس من الممكن إباحة القتل أو تعزيز هذا المفهوم لدى الاطفال». وأكد مكارتين، «أن الرقابة على شراء الأطفال لألعاب لا تناسب أعمارهم أمر غير ممكن، تماما كمسألة شراء السجائر، فهي مسألة صعبة وليس هناك من سيطرة».

أما لجهة اختيار البلدان التي يتم التسويق إليها فرأى مكارتين، «أن اختيار البلدان يعود إلى الكثير من العوامل ومنها الثقافة السائدة والديانة الموجودة في البلد ولاسيما حين نتحدث عن الألعاب لمن هم فوق الـ18 سنة، وفي حال قررنا ان نضعها في الأسواق يجب أن نحصل على موافقة الحكومة أولاً، لأنه من الممكن أن تحمل معتقدات لا تتناسب مع العادات العربية». وأكد أن «هناك اختلافاً في الاتجاه إلى نوعية الألعاب المطلوبة في الخليج، فالأسواق في دبي مختلفة وهي تحصل على الحصة الثانية بعد السعودية، حيث ان التنوع في الجنسيات هنا يساعد كثيرا على ذلك».

ولفت مكارتين إلى «أن الأطفال دائماً يبحثون عن أشياء جديدة، ولكن المشكلة الأساسية التي يواجهها التوزيع في الأسواق هي تقليد الألعاب، لاسيما ان الناس تبحث عن الألعاب الرخيصة السعر».

فوائد وأضرار

وأكد الاستشاري في الطب النفسي الدكتور علي الحرجان ان هناك الكثير من الدراسات التي أجريت حول تأثير الألعاب على الأطفال، «لأن هذه الألعاب لها الكثير من الفوائد وكذلك الأضرار في الوقت عينه، كأي وسيلة من وسائل التطور الحضاري». وأكد ، «أنه من أهم الأمور التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار هي ملاءمة الألعاب للأعمار، لأنه عندما نضع لعبة للطفل وهو لا يفهمها ستجعله يتوتر، كما أنها تولد لدى الطفل الشعور بالفشل».

ولفت إلى أن الطفل غالباً ما يتجه إلى التقليد والتماهي، ويعتقد أن لديه هذه القدرات الخارقة التي يراها في الألعاب، وبالتالي هذا قد يقوده إلى العنف لاسيما أن الأخير هو أمر مكتسب».

وأكد الحرجان، «أن معظم الألعاب التي تحتوي على القتل والربح والخسارة، تشعر المرء بالإحباط والفشل، في حين أنه ان كسب فهذا سيخلق لديه مزيداً من الاندفاع وقتل المزيد في اللعبة».

واعتبر «أن هذه الألعاب تزرع في عقلية الطفل أن القتل مسموح به ومباح من أجل البقاء والاستمرار، ما يجعل الطفل شيئاً فشيئاً يحمل هذه الأفكار». ولكن الحرجان استدرك قائلاً، «في الواقع لا يمكن منع هذه الألعاب، فهي تتمتع بالكثير من الفوائد في حال اختيرت اللعبة الصحيحة والمناسبة لعمر الطفل، فهي تنشط تركيزه وتحفزه على التفكير».
تويتر