ليَصل إلى سكان العالم الذين لم يتصلوا به بعد

شركات كبرى تتنافس في ترتيب رحلة الإنترنت إلى الفضاء

«سبيس إكس» تخطط لتوفير الإنترنت على المريخ ذاته. من المصدر

تخطط شركة إيلون ماسك «سبيس إكس» لإطلاق خدمتها الإنترنتية المعتمِدة على الأقمار الاصطناعية (ستارلنك)، وتقديمها إلى المجرِّبين الأوائل في غضون بضعة شهور. وأعلنت الشركة أخيراً أن خطتها حازت اهتمام 700 ألف أميركي، ولهذا طلبت إذن هيئة الاتصالات الفيدرالية الأميركية لتوسيع نظامها. ويشكل ذلك أحدث مثال عن شركة تقنية عملاقة تسعى إلى توسيع الاتصال العالمي بالإنترنت ليَصل إلى سكان العالم الذين لم يتصلوا بالإنترنت بعد. وأيضاً تحاول كل من (أمازون وبوينغ وفيس بوك وغوغل وهواوي وسامسونغ، وربما أبل)، استقطاب الجمهور إلى شبكاتها للاتصال بالإنترنت عبر أقمارها الاصطناعية.

وربما لا يبدو لك كل هذا مهمّاً ما دمت متصلاً بالإنترنت بالفعل، خصوصاً أنه في الأعوام التي سيستغرقها تطور إنترنت الأقمار الاصطناعية من نسخة البيتا ليبدأ باستقبال العملاء، ستكون شبكات الجيل الخامس قد انتشرت ووعودها تحققت.

رحلة طويلة

وقال زاك مانشستر، الأستاذ المساعد بقسم علوم الطيران وريادة الفضاء في جامعة ستانفورد، لمجلة بي سي «إنّ إطلاق كوكبة الأقمار الاصطناعية جميعاً إلى الفضاء سيستغرق أعواماً، لأنه يَستلزم عمليات إطلاق عديدة ومصروفات باهظة، ولو قارنّا ذلك مع البنية التحتية للأبراج الخلوية الأرضية سنجد أنها احتاجت إلى خمسة أعوام أو أكثر إلى أن صارت تغطيتها جيدة وشملت معظم الناس».

لكن تكاليف المعدات وعمليات إطلاق الأقمار الاصطناعية آخِذة في التناقص، وستتمكن الشركة التي تحصل على حصة كبيرة من العالم غير المتصل، من اكتساب مليارات الدولارات؛ إذ تتوقع مورغان ستانلي أن تتمكن شركة سبيس إكس من جني 30 إلى 50 مليار دولار سنويّاً إن وسَّعت الاتصال العالمي بالإنترنت من 50% إلى 75%، أي بإضافة مليارَي مستخدم جديد إلى الإنترنت.

والحقيقة أن إنترنت الأقمار الاصطناعية يسد فجوة الاتصال بتقديم خدمة سريعة موثوق بها لسكان المناطق الريفية والبعيدة، أما خدمات الجيل الرابع والجيل الخامس فعلى الرغم من أنها تبدو لاسلكية، فهي في الواقع قائمة على مزوِّد خدمة إنترنت سلكي، يتيح الاتصال بالإنترنت عبر كوابل الألياف الضوئية المتصلة بأبراج خلوية، ولتوسيع هذه الخدمات لابد من مدّ كيلومترات من الكوابل وإنشاء أبراج خلوية جديدة، وهذا بطيء ومكلف؛ وهذه هي الفجوة الرقمية، وهنا يأتي دور إنترنت الأقمار الاصطناعية. بل ربما تتكامل وتتوافق شبكات الأقمار الاصطناعية وشبكات الجيل الخامس؛ فالأخيرة سيكون لها غالباً أفضلية طويلة الأمد من ناحية التأخير (مدى سرعة استجابة الشبكة للأوامر)، لكن تحقيق ذلك يتطلب إنشاء محطات خلوية متقاربة بكثافة عالية.

كلفة قليلة

والتطوير الذي تتيحه الأقمار الاصطناعية إذا استطاع تقليل كلفة الاستخدام في الدول النامية وتوسيع الشبكات، فسيجذب مستخدمين كثيرين إلى تطبيقات الترفيه والصحة والتقنيات المالية، خصوصاً الذين يمنعهم عن الاستفادة من ذلك مجرد كلفة الاتصال بالإنترنت، وهو حاجز كان قائماً في الدول المتقدمة من فترة قريبة، ومازال قائماً في كثير من الدول النامية.

وفوق هذا، فللأقمار الإنترنتية الصغيرة عميق الأثر في إنترنت الأشياء التجارية والصناعية (وهي الأجهزة ذاتية التحكم وشبه ذاتية التحكم المتصلة بالإنترنت، من الحساسات الصغيرة إلى الآلات الكبيرة). وحتى بتوفير سرعات أقل من سرعات الجيل الخامس، يسع الأقمار الاصطناعية تقديم «دفقات» من البيانات «لإنترنت الأشياء البعيدة»، فتصل إلى قطاعات تجعلها طبيعتها الجغرافية بعيدة عن البنى التحتية التقنية، كالزراعة والتعدين والنقل بالسفن والشاحنات.

إنترنت الأشياء

وجاء في تقرير صادر عن كلية لندن للاقتصاد تصوُّر لإنترنت أقمار اصطناعية قادر على تتبع الموقع والأداء لمجموعة كبيرة من الأشياء وهي في مسارها، مثل مخزون الشاحنات وقوارب الشحن، وقياس محركات الطائرات عن بُعد وفحصها، وإدارة الوقود، وتتبُّع المواشي، وإدارة شحن البضائع، ومراقبة خطوط أنابيب النفط والغاز عن بُعد.

وحتى إن اتضح أن سوق إنترنت الأقمار الاصطناعية أصغر مما يتوقع، وهو ما يشير إليه لوك باليرم سيرا، المحلل في مركز أبحاث نورثن سكاي، بقوله لموقع ويَرد إن «ثُلثَي الناس غير المتصلين بالإنترنت عالميّاً لا يتصلون بها عن عمد»، فإن تطبيقات إنترنت الأشياء قد تشكل سوقاً ضخمة.


تنظيم قانوني

يلاحظ أن العقبات التقنية أمام انطلاق تشغيل شبكات إنترنت الأقمار الاصطناعية في تناقُص، لكن تنظيمها القانوني مازال مبهماً. وقال روبرت روش، محلل اتصالات الأقمار الاصطناعية لموقع وايرد إن القانون الدولي «يمنع تقديم الخدمة في منطقة معيَّنة إلا بإذن من الدولة الحاكمة للمنطقة»، فصحيح أن بوسع إنترنت الأقمار الاصطناعية بلوغ أي مكان، لكن يَلزمه أولاً أن يمر بمحطات القانون وجماعات الضغط.

«سبيس إكس» قد تجني 50 مليار دولار سنويّاً، و«أمازون» تفخر بجذب أربعة مليارات عميل محتمَل.

«فيس بوك» و«غوغل» و«هواوي» تخطط لإطلاق أقمار اصطناعية لتوسيع استخدام الإنترنت.

تويتر