حضور متميز للمرأة الإماراتية في كواليس المهرجان

إلهام محمد تنافس «الشباب» في «آخر ليلة باردة»

صورة

كشف العرض المسرحي «آخر ليلة باردة»، لمسرح خورفكان، عن حضور متميز للمرأة الإماراتية خلف ستار المسرح. العرض، الذي افتتح فعاليات الأمسية الثانية لمهرجان مسرح دبي للشباب في دورته الـ12، من تأليف الكاتبة باسمة يونس، وإعداد محمد القطان، تدور أحداثه حول قصة فتاة تعيش خيالات متعددة، ما أجبرها على أن تصبح حبيسة المصحة. والعمل للمخرجة إلهام محمد، وهي الوحيدة التي تنافس المخرجين الرجال في دورة هذا العام من المهرجان. يطرح العمل قضايا عدة تتعلق بالمشكلات التي تواجهها الفتاة في المجتمعات العربية، والتي أبرزها أزمة العنوسة، والتأثير القاسي لكلام مجتمعها، لتتضمن القصة تجسيداً لقيم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في الاحترام، عبر قصة الحب بين سالم وشما بطلي العمل المسرحي.

الأقلام النسائية

وقالت كاتبة النص الأديبة باسمة يونس، لـ«لإمارات اليوم»: المسرح هو الشاشة الحقيقية القادرة على عكس خفايا النفوس عبر المشاعر والانفعالات الواقعية والحيّة، لذلك تعتمد كتابة نصوصه على استخدام اللغة الجاذبة بشكل رئيس، لدورها الإيجابي في دعم ونسج الحدث بصياغة محكمة، بحيث يمكن التعبير عن كل ما قد تعبر عنه قصة فيلم سينمائي مثلاً، ولكن بصورة حية تدور أحداثها أمام المتفرج وعلى خشبة المسرح، تاركاً للإخراج الدور في الطريقة المناسبة لتجسيد الحكاية من البداية إلى النهاية. وأضافت «أحاول دائماً من خلال النصوص التي أكتبها الخروج من إطار سرد قصة، والبعد عن الحدود في الإطارين الزمني والمكاني للتوغل في أعماق النفوس ومحاولة إظهار الصراعات الداخلية، أكثر من مجرد استعراض حكاية يمكن أن تحدث في أي مكان أو تروى بأي شكل من الأشكال».

مشاعر وانفعالات

وأضافت باسمة «مثل هذه النصوص تساعد الممثل على التركيز أكثر على مشاعره وانفعالاته، وتعين المخرج على تطوير العمل عبر تغيير المشاعر وتقلباتها من خلال المؤثرات التي تبرز المعاناة الشخصية، وتساعدها على التعبير عن نفسها أكثر، فالنص المسرحي يتميز بقدرته على المزج بين الفن والأدب والتمثيل المباشر، ومرونة العرض الذي يحتمل الإضافات والمؤثرات، والتي تدمج المتفرج مع فريق العمل، وتضعه في قلب الحدث متعايشاً مع كل ما يدور أمامه وقادراً على رؤية كل ما يشبع فضوله، ويجيب عن تساؤلات قد تعجز السينما عن إجابتها من خلال قصة معلبة تخضع للقص».

مقومات كاملة

أكدت باسمة أن «الكاتبة الإماراتية تمتلك كل المقومات الإبداعية، والتي أهمها القدرة على التعبير بشكل جيد، وهو ما يظهر جلياً في الحضور اللافت للأقلام النسائية في المشهد الثقافي الإماراتي، الأمر الذي يجب التعمق بدراسته نقدياً لمعرفة إلى أين وصلت وماهية موضوعات اهتماماتها التي جعلتها تقدم كل هذا الكم من السرد، ولكن الملاحظ أن الكتابة للمسرح مازالت قليلة بل نادرة، لذلك فالأمل في أن تكون المهرجانات المتواصلة طيلة العام في كل أنحاء الإمارات، والحضور المسرحي المتواصل هو بمثابة ورشة مستمرة لاستكشاف مواهب مستقبلية». وترفض يونس «اتهام البعض للنص المسرحي المحلي بالضعف، فالنصوص الحالية تعكس جهداً أدبياً مميزاً، تمكن معظمها من التنافس على جوائز والفوز في أكثر من مهرجان، لما تتسم به من مرونة تجعلها قابلة للتجسيد فوق كل المسارح وبأي لغة وفي أي زمن، لذلك علينا تشجيع هذه النصوص من خلال تمثيلها ودعم تجسيدها من خلال فرقنا المسرحية المتعددة، لذلك أطالب بتبني الجهات المسؤولة إقامة مهرجان لتمثيل نص واحد من خلال أكثر من رؤية إخراجية وفرق تمثيل متباينة».

رواية ثرية

عبرت المخرجة إلهام محمد عن سعادتها بالمشاركة في المهرجان قائلة: مشاركتي في المهرجان منحتني الفرصة لأشارك بتجربتي الإخراجية لرواية غنية وثرية بالأحداث والمشاعر، فمسرح الشباب لعب دوراً مهماً في صقل مواهبنا الشبابية، والتعريف بأسمائنا كمخرجين جدد، فهو يعد بمثابة ساحة شبابية خاصة يتنافس فيها عشاق المسرح لتقديم أفضل ما لديهم على الخشبة، لذلك نشعر بأنه مهرجاننا، والحفاظ عليه واجب كل مسرحي، فهو بيتنا الذي يتحتم علينا صيانته على الدوام، من أجل أن يظل واجهة براقة للمسرح والجمهور ونحافظ على تلك الظاهرة المسرحية».

فرصة مثالية

وعبرت الممثلة الصاعدة نورة علي، عن سعادتها بالمشاركة في المهرجان قائلة: أشارك لأكثر من 11 عاماً في عروض مسرح دبي للشباب، فمشاركتي في المهرجان منحتني فرصة مثالية لتنمية وتطوير موهبتي التمثيلية، وحاولت أن أخرج جزءاً كبيراً من تجربتي التمثيلية لنص المسرحي غني وثري بالأحداث والمشاعر كعرض (آخر ليلة باردة)، وأتمكن من كل الأدوات التي تجعلني أجسد شخصية أمل شقيقة بطلة العمل شما، والتي تجسد معاناة المرأة في المجتمعات العربية والشرقية، خصوصاً مع أزمة العنوسة، وحاولت أن يجمع أدائي بين مزيج من المشاعر المختلطة للحزن والحقد والغيرة من شقيقتي.

وأضافت: استطاعت المخرجة توظيف أدائي ليصب في مصلحة العمل المسرحي، بما يجسد معاناتي كفتاة يطاردها شبح العنوسة، ومن ثم تسليط الضوء على الجانب المضيء الذي يعكس قوة المرأة وقدراتها على المواجهة والتصدي لواقعها.

نقطة انطلاق المواهب الحقيقية.

قال مستشار هيئة دبي للثقافة والفنون، الدكتور صلاح القاسم، لـ«الإمارات اليوم»: «نتمنى أن ينجح المهرجان في دورته الحالية، كعادته، في الكشف عن المواهب الشبابية التي مازالت تتلمس خطواتها الأولى في عالم المسرح، وتبحث عن نقطة الانطلاق والدرب الصحيح، خصوصاً أنه استطاع خلال أعوامه الماضية تخريج العديد من المواهب، التي أصبحت نجوماً في الدراما الإماراتية، والتي من بينها مروان عبدالله صالح، مخرج عرض الافتتاح الذي يعد الابن الأكبر للمهرجان». وأضاف أن «العامل الحاسم في إنجاح مهرجان الشباب هو حرص اللجنة المنظمة على أن تكون قريبة من تفاصيل الشباب المشاركين، مستوعبة تطلعاتهم الفنية، ووجهات نظر الفرق المسرحية المختلفة التي ينتمون إليها، وفق استراتيجية واضحة تعي دور المهرجان كرافد أساسي لموجات تجدد المسرح المحلي من جهة، ومستوعب أساسي لطاقات ومواهب شبابية واعدة من جهة أخرى، لذلك نظمت الهيئة ثلاث ورش متخصصة ضمن برنامج دبي لمسرح الشباب.

أعضاء لجنة التحكيم

تتكوّن لجنة التحكيم لنسخة مهرجان مسرح دبي للشباب لهذا العام، من الكاتب جمال سالم، رئيساً، وعضو مجلس إدارة جمعية المسرحيين الحائز جائزة الإمارات التقديرية في الآداب لعام 2010، ومصمم ومنفذ الديكور وليد الزعابي، الحائز جائزة أفضل عرض متكامل بالدورة التاسعة لأيام الشارقة المسرحية، والمخرج المسرحي خليفة اليماحي، الذي نال شخصية العام المسرحية في مهرجان المسرح المدرسي الخليجي بالبحرين 2015، والأديبة باسمة يونس، التي حصلت على 12 جائزة محلية وعربية، منها جائزة الشارقة للتأليف المسرحي عن نص مسرحية الخطايا، والممثل والمخرج عيسى الدرمكي، الذي قدم أكثر من 25 عملاً مسرحياً وسينمائياً وتلفزيونياً.

تويتر