مبدعون: الدراما العربية في أزمة

من مسلسل «نعم مازالت آنسة». أرشيفية

انتهى مؤتمر «أزمة الدراما التلفزيونية بين الإعلام والإعلان» الذي نظمته جمعية مؤلفي الدراما العربية برئاسة الكاتب المصري محفوظ عبدالرحمن إلى الكثير من الكلام المكرر، والعديد من التوصيات التي سبق أن أصدرتها مؤتمرات ومنتديات مماثلة، من دون أن ينفذ أي منها.

وشهد المؤتمر، الذي أقيم مساء أول من أمس بالمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة، حضورا كثيفا من كتاب ومخرجين وفنانين مصريين كبار، إضافة إلى حضور عدد من المنتجين ومسؤولي الإنتاج في التلفزيون المصري ومدينة الإنتاج الإعلامي، ورئيس اتحاد النقابات الفنية، ونقيب الممثلين، وعدد من خبراء الإعلام والإعلان. وضم المؤتمر خلال جلستين متتاليتين شهادات عدة من أسماء شهيرة قدمت رؤيتها للوضع الراهن في ما يخص صناعة الدراما العربية بشكل عام، والمصرية بشكل خاص، وبدا أنها جميعاً تدور في الفلك نفسه، وتكرر المشكلات ذاتها، وتطالب بالحلول نفسها، وإن شهد المؤتمر مداخلات من مخرجين ومنتجين فندوا فيها بعض ما قيل، وإن اتفق معظم المتحدثين على أن الدراما العربية في أزمة.

وقال رئيس المؤتمر محفوظ عبدالرحمن، في كلمته الافتتاحية إن العمل الفني يبدأ من النص، وان النص يعد اللبنة الأولى الطبيعية التي يليها اختيار مخرج قادر على تنفيذ النص برؤية فنية، ثم السعي لإيجاد منتج يمول العمل، وعندها يمكن اختيار الأبطال، مشيرا إلى أن تلك المعادلة المنطقية تبدلت تماما، وربما باتت معكوسة في أحيان كثيرة، حيث بات العمل يبدأ عند الممثل الذي يبحث عن المنتج ثم يبحثان معاً عن المخرج والنص.

وأوضح أن الجمعية قامت بهدف إعادة ترتيب الأدوار وتقويم العملية الفنية، بما يسهم في ارتقاء فنون الدراما، إلى جانب تحسين أحوال الكتاب والدفاع عن حقوقهم الأدبية والمادية، وفض المنازعات في ما بينهم أو بينهم وبين الآخرين.

وشدد الكاتب يسري الجندي على مبدأ القيمة الفنية والإبداعية التي تسهم في تطور المجتمع بالكامل، مؤكدا ضرورة أن يطرح النص الدرامي قيمة «تنويرية»، وإلا اعتبر «معول هدم جديدا يضاف إلى معاول كثيرة تحاول هدم قيم المجتمع». ولفت الجندي إلى أهمية أن تؤمن الدول بدور الدراما المهم، والذي لا يقل في تقديره عن أهمية التعليم والصحة التي ترصد لها ميزانيات كبرى، مضيفا أن على أنظمة البث أيضا مسؤولية الإعلاء من شأن القيمة بدلاً من التركيز على اسم النجم وحده دون غيره من عناصر العمل الفني بما «يزيد الأمور سطحية وتفاهة».

وتحدث الكاتب بشير الديك عن ضرورة ترشيد الوجود الإعلاني بحيث لا يطغى على المواد الإعلامية، مشيرا إلى «خروج التلفزيون الحكومي عن المبادئ التي أنتج من أجلها والتي تعتمد بالأساس على التنوير والتثقيف ليتحول في السنوات الأخيرة إلى لاعب أساسي في سوق البحث عن الإيرادات الإعلانية مهما كانت الوسيلة متجاهلاً مهمته الأساسية».

وتهكم الكاتب الكبير على مصطلح أطلقه التلفزيون المصري قبل عامين وهو «مفيش حاجة حصري كله على التلفزيون المصري»، معتبرا أنه شعار إعلاني صريح، ولا علاقة له بالإعلام، كما أنه كان بمثابة «إعلان الحرب» على القنوات الخاصة التي ليس من واجبها القيام بمهام التلفزيون الرسمي على الإطلاق.

ودافع أستاذ التسويق في الجامعة الأميركية بالقاهرة عمرو قيس، عن سعي البعض وراء جلب الإعلانات بشتى الطرق، قائلاً إن المعلن لا يدفع أمواله إلا في المنتج الفني الجيد، ولا يعني وجود بعض الأخطاء أن نحارب الإعلانات، أو أن نتهمها بالمسؤولية عن إفساد الدراما، مطالباً بتطبيق ضوابط الإعلان الموجودة في العالم كله حتى تستقيم الأمور.

وقال عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة سامي عبدالعزيز، إن الجميع يتحدثون عن دور الدراما وتطويرها بمنظور فني أو تجاري، بينما يتجاهلون بعداً آخر أكثر أهمية وهو البعد السياسي للدراما كإشكالية قائمة لابد من مناقشتها، مشيرا إلى أن صناع الدراما ومثلهم صناع الإعلام المصريين والعرب لديهم فكر تجاري «لكن ليس لديهم رؤية اقتصادية متكاملة تتيح لهم تطوير المنتج وضمان بقائه».

وتحدث الإعلامي سيد الغضبان، عن عشرات «التجاوزات» القائمة في مجال صناعة الدراما «وبينها جرائم إهدار متعمد للمال العام وشبهات تربّح تم إثبات بعضها، لكن أحدا لم يقم بالتحقيق فيها بصورة تدعم استمرار حالة التردي الفني طالما أن هناك مستفيدين من هذا».

ونوهت الكاتبة والناقدة عزة كريم، إلى خطورة هيمنة أجر النجم على قاسم أكبر من ميزانية الأعمال الفنية، مشيرة إلى أنها علمت أخيرا بتعاقد نجم شاب على بطولة مسلسل بأجر يبلغ 80 مليون جنيه، «وهو أمر وإن كان مبالغاً فيه، إلا أنه أيضا يدعم حالة اليأس المجتمعي القائمة، لو علمنا أن الزيادة التي تطرأ على راتب الأستاذ الجامعي بعد نيل درجة الدكتوراه لا يتجاوز 68 جنيهاً فقط».

تويتر