كخطوة أولى نحو تعافي الاقتصاد الثقافي والإبداعي

«القمة الثقافية» تنطلق بدراسة عالمية حول تأثير «كورونا»

صورة

كشف القائمون على القمة الثقافية أبوظبي، التي انطلقت افتراضياً، صباح أمس، عن إطلاق دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، بالتعاون مع منظمة «اليونسكو»، دراسة عالمية حول تأثير جائحة كورونا (كوفيد -19) على الاقتصاد الثقافي. بينما أكد المشاركون في القمة، أن تعافي العالم من جائحة «كوفيد- 19» يتطلب تعاوناً مستمراً، وحوارات مفتوحة، لا تقتصر فقط على الجانب الحكومي والمؤسسات العالمية الكبرى، بل يجب أن يشمل ذلك أيضاً الجمهور العادي، والفنانين، والمبدعين، في مختلف مجالات الإبداع، سواء الذين يعملون بشكل فردي أو ضمن مؤسسات صغيرة، ومخاطبة كل المستويات في المجتمع. مشددين على أهمية دراسة الأوضاع التي يمر بها العمل الثقافي حول العالم، للوقف على التحديات التي يواجهها، وبالتالي إيجاد حلول واقعية لهذه التحديات، وعدم ترك المبدعين في مواجهة ما تفرضه سياسيات السوق، دون تقديم الدعم لهم لمواصلة مشروعاتهم.

دراسة عالمية

وأكدت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو)، أودري أزولاي، على ضرورة العمل من أجل التعافي من تداعيات وتحديات جائحة «كوفيد-19»، ليس فقط لما تقوم به الثقافة من دور محوري في تقارب الشعوب والثقافات المختلفة، بل أيضاً لما تلعبه من دور مؤثر في الاقتصاد، حيث يصل الإسهام الاقتصادي الإبداعي في العالم إلى مليارات الدولارات سنوياً، رغم ما يتم من تقليل من تأثيره، موضحة في كلمتها أن هذه الأهمية كانت سبباً في إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2021 «السنة الدولية للاقتصاد الإبداعي من أجل التنمية المستدامة»، وكذلك اختيار القمة الثقافية أبوظبي لهذا الموضوع عنواناً لمناقشاتها هذا العام.

وأوضحت أزولاي أن مواجهة الجائحة، والتعامل معها، يتطلب أولاً فهمها وقياسها، كخطوة أساسية وأولى، حتى يمكن تحديد مدى الجائحة وتداعياتها، ولذلك تم إطلاق دراسة عالمية حول تأثير جائحة «كوفيد -19» على الاقتصاد الثقافي، مع دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، للوصل إلى أرقام حول الجائحة. مؤكدة أن التصدي للوضع الحالي لا يتطلب فقط الحصول على أرقام مدروسة، بل أيضاً خبرات ورؤى محترفة، تسهم في إيجاد حلول ناجحة، وهو ما تسعى القمة الثقافية لتحقيقه من خلال استضافة نخبة من المفكرين والمحترفين في العمل الثقافي والابداعي.

3 تحديات

وأشارت أوزلاي إلى أن مناقشات ResiliArt التي أطلقتها «اليونسكو» منذ ما يقرب من عام، في ذروة الوباء، شهدت 240 مناظرة بمشاركة فنانين ومهنيين من أكثر من 110 دول، لمناقشة الجائحة، وبحث كيفية إعادة بناء القطاعات الثقافية. من خلال هذه المناقشات، توصلنا إلى توصيات تم إدراجها في دليل بعنوان «الثقافة في أزمة»، وتم من خلالها تسليط الضوء على ثلاثة تحديات رئيسة، الأول يتمثل في الاقتصاد الرقمي، وتوسعه المذهل، فكما تخلق هذه التكنولوجيا الرقمية العديد من الفرص، في كل من الإبداع، فإنها تحتاج أيضاً إلى حماية التنوع الثقافي، وتعزيزه بشكل أفضل. وفي حال عدم وجود لوائح مناسبة، يمكن أن تؤدي التكنولوجيا الرقمية إلى مخاطر أكثر مما تتيحه من فرص للإبداع. أما التحدي الثاني، فهو يرتبط بالأول، وهو اقتصادي اجتماعي، ويركز على ضمان فرص العيش بشكل لائق للمبدعين من نشاطهم، وهو ما يتطلب، ليس التفكير فقط في أجرهم، بل أيضاً الدفاع عنهم، ومنحهم مكانة مهنية تحفظ وجودهم. في حين يرتبط التحدي الثالث بالسلام، الذي تساعد الثقافة على بنائه، فالثقافة هي اللغة العالمية للموسيقيين والفنانين والمبدعين من جميع المجالات، والتي يفهمها الجميع، ولذلك قد تلعب دوراً لتوحيد الجهود بين الشرق الأوسط والشرق الأدنى، وهو ما عملت «اليونسكو» على تطبيقه في الفترة الماضية، في بيروت أو في الموصل، من خلال التركيز على إعادة تأهيل التراث، وإحياء الحياة الثقافية لإرساء أسس السلام. ومثال على ذلك، جهود «اليونسكو»، بدعم مستمر من دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص، لإعادة تأهيل مسجد النوري، ومنارة الحدباء المائلة، وكنائس الطاهرة، والساعة في العراق، والتي ترمز إلى التنوع الثقافي لمدن العالم هذه. معربة عن شكرها لدولة الإمارات العربية المتحدة على هذه الجهود.

منصة مفتوحة

أوضح رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، محمد خليفة المبارك، أن القمة الثقافية أبوظبي تمثل منصة مفتوحة للتواصل ثقافياً مع العالم، لطرح ومناقشة مختلف القضايا الملحة في الوقت الحالي، والعمل على وضع حلول لها. وأضاف خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية، صباح أمس: «تمكننا القمة الثقافية ـ أبوظبي من التواصل ثقافياً مع العالم، لنتأكد من أن جميع الأصوات مسموعة، ليس فقط أصوات المؤسسات والمعاهد الكبيرة أو صانعي السياسات، إنما أيضاً أصوات المنظمات الصغيرة، والفنانين، والمؤدين، والموسيقيين، والمعلمين، وجميع المهتمين بالعمل الثقافي والإبداعي. ومن هنا يبرز دور القمة الثقافية، كونها تجمع هذه الأصوات، وتعمل على إيصال رأيها وأفكارها، لضمان تحقيق التفاعل بين جميع الكفاءات والنظم البيئية، وانطلاقاً من هنا، يمكننا البدء في صياغة حلول فعالة لمشكلاتنا، والتحديات التي يمكن أن تواجهنا».


التصدي للوضع الحالي يتطلب خبرات ورؤى محترفة تسهم في إيجاد حلول ناجحة.

240 مناظرة بمشاركة فنانين من أكثر من 110 دول، لمناقشة أثر الجائحة.

تويتر