جسر حضاري بين أصالة الماضي وإنجازات الحاضر وطموح المستقبل

«دبي للثقافة» تخلّد «مسبار الأمل» بجدارية معاصرة

هالة بدري: المسبار تجسيد للعلاقة القوية بين الهوية الإماراتية الماضية والمعاصرة. من المصدر

تستعد هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة) للاحتفاء بمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، والذي يشكل علامةً فارقة ليس في تاريخ الإمارات العربية المتحدة فحسب، إنما في تاريخ المنطقة والعالم العربي والإسلامي، مخلّدةً ذكراه عبر جدارية معاصرة وضعتها أنامل مبدعة لمواهب من مجتمع الإمارات، وسيتم تنفيذها لاحقا في حي الفهيدي التاريخي بدبي، لتبني جسراً حضارياً بين أصالة الماضي وإنجازات الحاضر وطموح مستقبل واعد للإنسانية. وانطلاقاً من إيمانها بالمستقبل معياراً للتميز، وسعيها إلى تمكين الإبداع والمبدعين في مجتمع الإمارات، اختارت «دبي للثقافة» عملاً إبداعياً اشتركت فيه الفنانة آمنة بشير مع الفنانة الإماراتية الواعدة ريم المزروعي، للاحتفاء بمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»؛ المهمة العلمية التاريخية الأولى من نوعها في العالم العربي، لتحويلها إلى جدارية في حي الفهيدي التاريخي بدبي بالتعاون مع استديو «مختبر الرسم الفني». وتندرج هذه الخطوة تحت مبادرة «لنبدع معاً» التي أطلقتها الهيئة أواخر مارس 2020، عبر منصاتها الرقمية لتحفيز جميع أفراد المجتمع على مشاركة إبداعاتهم، كل في اختصاصه، أثناء التزامهم بالبقاء في منازلهم. وقالت هالة بدري، مدير عام «دبي للثقافة»، إن «إطلاق مسبار الأمل، أول مسبار عربي يتم إطلاقه إلى كوكب المريخ لدراسة غلافه الجوي، يشكل مصدر فخر واعتزاز لنا جميعاً بما أنجزته العقول المبدعة والأيادي البارعة لأبناء الوطن على مدار ست سنوات من المثابرة والعمل الدؤوب. إنها لحظة تاريخية لطالما تطلعنا إليها جميعاً، لحظةٌ تؤسس لمسيرة علمية وحضارية فارقة تتوّج عقوداً من النهج الحكيم لقيادتنا الملهمة وطموحها الذي لا يقف عند حد، محققةً بذلك حلماً كبيراً لطالما راود والدنا القائد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ومترجمةً ثقافة اللامستحيل التي كرسها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي». وأضافت بدري: «مع هذا الإنجاز، تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة مسيرة ازدهارها ونمائها بخطى ثابتة لتحجز لنفسها مكانةً مرموقةً بين مصاف دول العالم المتقدمة علمياً وتكنولوجياً، مضيفةً إلى سجلها التاريخي الناصع إنجازاً حضارياً يخدم البشرية جمعاء، ويعيد أمجاد الحضارتين العربية والإسلامية اللتين صدرتا إلى العالم في ما مضى شتى صنوف العلوم التي أسست للتقدم العلمي الذي يشهده عالمنا اليوم.

وفي الوقت ذاته، يبث روح الأمل والثقة بقدرات العقل العربي على الإبداع والتأسيس لمستقبل إنساني وحضاري أكثر زهواً».

وأشارت بدري إلى أن «دبي للثقافة» «تسعى، عبر الجدارية التي سيتم تنفيذها في حي الفهيدي التاريخي، إلى تخليد هذه العلامة الفارقة في تاريخ الإمارات والعرب، وإلهام الأجيال المقبلة العزيمة والإصرار على متابعة الإنجازات الحضارية التي راكمتها وتراكمها دولة الإمارات يوماً بعد يوم. وجاء اختيار حي الفهيدي انطلاقاً من أهمية هذا المكان الذي يمثل إرث الماضي الجميل والتاريخ المتجذر للدولة، ودوره الحضاري في صناعة الحاضر المزدهر الذي تعيشه اليوم، بينما يمثل المسبار المستقبل المشرق الذي يعد بمزيد من التميز والريادة. إنه تجسيد للعلاقة القوية بين الهوية الإماراتية الماضية والمعاصرة، وتكريم للبصمات التي تركها الأجداد لتظل نبراساً ينير دروب الأجيال المتعاقبة ويرسخ مشاعر الاعتزاز والفخر لديهم بوطنهم وتراثهم».

الجدارية المعاصرة

ويمثل التطلع إلى المستقبل أثناء الوقوف على أساس بُني قبل قرون ماضية الموضوع الرئيس للجدارية، التي تم فيها تطبيق نظريات الفن المتساوي القياس لتجسيد معالم العلم والتكنولوجيا، دون أن تكون واضحة أو لافتة للانتباه. وينطلق مسبار الأمل لاستكشاف مستقبل من الأبحاث والمعرفة على يسار اللوحة، بينما ينظر الفلكي العربي القديم ابن يونس نحو كوكب المريخ الأحمر إلى اليمين. صورة ظلّية تمثل المجتمع العلمي الذي يكرس جهوده لهذه المهمة الإنسانية الكبرى وتحتفي به، وعيون تنظر بفضول إلى أسرار عالم يتم استكشافه للتوّ.

وتستند «دبي للثقافة»، في مبادرتها هذه، إلى إيمانها بأهمية الإبداع كقيمة إنسانية تعزز مسيرة التنمية، وتعكس المنجز الحضاري والتنوع الثقافي الذي تتميز به إمارة دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة. كما تندرج ضمن رؤية الهيئة في تعزيز المشهد الثقافي والإبداعي لمدينة دبي، عبر تحويل جدران مواقع تراثية وتاريخية تابعة لها إلى جداريات فنية تتكامل فيها الأصالة مع عناصر الحداثة، بما يتناغم مع رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بتحويل دبي إلى متحف مفتوح يبرز الجانب الإبداعي والإنساني في تجربة الإمارة التنموية.


جدارية تستلهم التقاليد الإماراتية

يشرف سام صليبا، مؤسس «مختبر الرسم الفني»، على هذه الجدارية المعاصرة والملهمة التي تلتقط الفضاء بعيون عربية، وتمثل المستقبل الفلكي العربي، حيث تجسد الفنانة ريم المزروعي المسبار في فتاة إماراتية تطفو إلى الفضاء مرتدية مجوهرات للاحتفال بهذه المناسبة المهمة؛ فاتحةً ذراعيها كتعبير عن الحرية، جذورها على الأرض وقريبة من قمره. شعرها الطويل في حالة انعدام الجاذبية، مجسدةً التقاليد الإماراتية المتجذرة في الإبحار، غير أنها هذه المرة تبحر عبر الفضاء، وصولاً إلى المريخ. أما الفنانة آمنة البشير، فقد دمجت نظريات الفن المتساوي القياس لتجسيد العلم والتكنولوجيا، حيث ينطلق مسبار الأمل الذي يمثل المستقبل في مهمة لاكتشاف كوكب المريخ، في حين ينظر الفلكي العربي ابن يونس نحو هذا الكوكب الأحمر، وتبدو الأرضية في حالة انهيار، ما يدل على أن الماضي والمستقبل مترابطان إلى الأبد، ويبرز كوكب المريخ وسط العمل الفني على وشك أن يتم اكتشافه.

هالة بدري:

«(مسبار الأمل) مصدر فخر واعتزاز لنا، بما أنجزته العقول المبدعة والأيادي البارعة لأبناء الوطن».

«الجدارية، التي سيتم تنفيذها في حي الفهيدي، تخلّد هذه العلامة الفارقة في تاريخ الإمارات والعرب».

ضمن مبادرة «لنبدع معاً» التي أطلقتها «الهيئة» أواخر مارس 2020 عبر منصاتها الرقمية.

عمل إبداعي اشتركت فيه الفنانة آمنة بشير مع الفنانة الإماراتية ريم المزروعي للاحتفاء بمشروع الإمارات.

تويتر