يسعى إلى خلق أرشيف المباني في الإمارات

حسين الموسوي يسجّل تراث الإمارات بالعدسة

صورة

من وجهة نظر تيبولوجية.. يطارد المصور الإماراتي حسين الموسوي المباني بعدسته، فيلتقط أجزاء منها ليوثق الشكل العمراني والعناصر الحضارية من خلال أشكال العمارة. بدأ الموسوي بتصوير المباني منذ كان يدرس في أستراليا، لكنه بعد عودته إلى الإمارات، وجد نفسه يبحث في التفاصيل التي تحيطه، والتي يمكنه أن يلتقطها، لاسيما تلك التي لا يلتفت إليها الناس، وليست ذات قيمة بالنسبة لهم.

وعن اهتمامه بالعمارة والمباني، تحدث الموسوي إلى «الإمارات اليوم»، موضحاً أن هدفه يتمثل في خلق أرشيف خاص بأشكال المباني العمرانية في الإمارات.

الموسوي أكد، في بداية حديثه، أنه يسعى إلى توثيق التراث المعماري في الدولة، وخلق أرشيف لكل إمارات الدولة، يمكن من خلاله وضع نظام لهذه المباني. ولفت إلى أنه يعمل من خلال تصوير هذه المباني على اختيار الأساليب المختلفة في العمارة، ووضعها كأرشيف يمكن أن يتم البناء عليه، بهدف فهم النمو السريع الحاصل بدبي، موضحاً أن 10 سنوات من التطور العمراني في دبي تعادل 30 سنة من هذا التطور في دول أخرى.

«توثيق المباني هو توثيق للتراث، فهو يختصر نظرة خاصة للماضي والحاضر، والقيمة الحالية للمباني وما يمكن أن تحمله من قيمة في المستقبل».. على حد تعبير الموسوي. وذكر أنه لا يبحث في حقبة زمنية معينة، بل يصور كأنه يجمع معلومات فلا يقحم أي وجهة نظر خاصة تجاه المباني التي يصورها، فهذا المشروع قد يخرج بنتيجة معينة وفهم محدد للواقع بعد 10 سنوات.

وعن الاختلاف بين المدن، رأى الموسوي أن لكل مدينة طابعها الخاص، ففي أستراليا كان يتعمد تصوير المباني، وإشارة عدم الوقوف، إذ صور أكثر من 100 لافتة، وكانت نتيجة المشروع أن ملاحظة صغيرة تعطي انطباعاً عن فكر الناس، موضحاً أنه حينما عاد للإمارات كان يبحث في الأشياء نفسها التي صورها في أستراليا، فمثلاً كانت إشارة ممنوع الوقوف في دبي ذات معنى مختلف، وهذا ما يدفعه في أي مشروع إلى البحث عما يميز المدينة. وأضاف: «هذا البحث يستغرق الكثير من الوقت، لكن كل مدينة لابد أن تحمل خصائص خاصة بها، ففي الإمارات مثلاً صورت أسوار البناء فهي غير موجودة في المدن الغربية، واحتجت لكثير من الوقت كي أجد هذا الطابع الخاص».

أما طابع دبي، فهو الطابع المتحرك والعنصر المتوافر بها، وهو عنصر التغيير فهناك طفرة في العمران، والمشهد يتبدل خلال سنوات وفي بعض الأحيان تندثر الأشياء القديمة، لأن عملية التحرك هي التي تحكم المشهد العام، والبناء سريع جداً، وكل مصور سيصور المباني سيلتقطها من جانب مختلف، فالبعض ينظر إلى الجانب الإنساني، والبعض ينظر إلى الجانب الجمالي.

تفاصيل وجماليات

وعن المباني وعمل الأرشيف، نوه الموسوي بأن المباني هي عنصر من عناصر الأرشفة، خصوصاً أنه حينما يصور لا يلتقط المشهد العام، فلا يصور الفريج، بل يكتفي بتصوير بعض التفاصيل الصغيرة، فهذه التفاصيل البسيطة هي تماماً كالاستفسار، إذ يطرح على نفسه السؤال حول لماذا الأشياء تبدو على ما هي عليه. ولفت إلى أنه يحرص على تناول المشهد بموضوعية مطلقة، لهذا يبحث عن الجماليات التي يمكنه أن يبرزها من خلال اجتزاء تفصيل من المبنى، موضحاً أنه يسعى إلى مقارنة النوافذ والأقواس، دون رؤية الإطار العام، فالعرض الموضوعي للمادة هو نوع من التجريد، الذي ينجم عنه الخروج بنوع من التيبولوجيا لمقارنة عناصر المباني. مر عمل الموسوي مع المباني بمراحل متعددة، فكانت المرحلة الأولى متمثلة في التركيز على الأبراج والمباني التي تثير فضول الناس، وهي محط أحاديثهم، كونها تحمل قيمة تاريخية واجتماعية، ثم راح في مرحلة لاحقة يفتش أكثر في النواحي الهندسية ويبحث في الهوية، لكن بلاشك يتبع حدسه أحياناً في تصوير بعض المباني.

وشدد الموسوي على أن اختياره للمباني لا يخضع لسمة معينة، فهو يخضعها لعملية مسح جغرافي، وبالتالي ما يصوره لا يعكس توجهاً معيناً، بل يغطي جميع التأثيرات، ويصور ما يقرب من 10% من شكل المبنى، وهي نسبة كفيلة بأن تعكس الأسلوب العام. وأشار إلى أنه يطبق التجريد في التصحيح، من خلال التركيز على زاوية معينة، موضحاً أن هناك شحاً في عدد المصورين الذين يصورون جزئيات معينة، فالجانب التقني في عالم التصوير اليوم متميز، لكن الأفكار هي التي تفتقر إلى التنوع.

ويطمح الموسوي إلى أن تأخذ الدولة مشروعه على محمل الجد، وأن يتم التعاون معه من قبل الجهات المختصة بالأرشيف، لأنه يصور بتقنيات عالية جداً، تتيح له تقديم الصور إلى أي جهة تطلبها، وبجودة عالية ومتميزة، منوهاً بأن إثبات الجدارة هو المرحلة الأولى، التي تجعله مستحقاً للدعم من قبل الدولة.


كل مصور سيصور المباني سيلتقطها من جانب مختلف، فالبعض ينظر إلى الجانب الإنساني، والبعض ينظر إلى الجانب الجمالي.

تيبولوجيا وليس تصويراً

يرفض حسين الموسوي استخدام كلمة مصور، فهو يرى أن عمله يدخل في نطاق التيبولوجيا بشكل حاد، وينظر إلى الكاميرا على أنها أداة تستخدم في مجال العمل لتمكنه من نقل الفكرة إلى الواقع، ويجد أن التصوير أداة، فالصورة مهمتها إيصال رسالة معينة، وبالتالي التعدد في المواد ينجم عنه تعدد في الأهداف. ونوه بأن التعدد بالأهداف من شأنه أن يوجه الكثير من الرسائل وتقديمها، من خلال هذا الفن التوثيقي.

منوهاً بأن «المكان» هو الفكرة الرئيسة في العمل.

10

سنوات من التطور العمراني في دبي، تعادل 30 سنة في دول أخرى.

تويتر