1000 مقيم تعلَّموا «الرمسة» بعضهم في سن الـ70

أوروبيون وآسيويون يقعون في حـبّ «اللهجة الإماراتية»

صورة

«إذا تحدثت إلى شخص بلغة يفهمها يذهب كلامك إلى عقله، وإذا تحدثت إليه بلغته يذهب الكلام إلى قلبه».. مبدأ دفع مقيمين في الإمارات من جنسيات أوروبية وأميركية وآسيوية لطرق باب معهد إماراتي لتعلم اللهجة المحلية، فانقلبت الرغبة إلى عشق لكل نواحي الحياة الإماراتية تراثها ولهجتها وفنونها.

أكثر من 1000 مقيم غربي وآسيوي درسوا في معهد «الرمسة لتعليم اللهجة الإماراتية»، وضعوا الإنجليزية والفرنسية والهندية جانباً، واتجهوا للحديث مع أبناء الإمارات بلهجتهم، معربين عن اعتزازهم بالعيش في الإمارات، والتعايش مع أهلها، والاحتفال معهم باليوم الوطني.

«مرحبا الساع»

«حياكم الله.. حيّ الله من يانا.. مرحبا الساع».. عبارات ترحيبية قابلتنا بها الفتاة التشيكية دانا، وهي واحدة من طلاب معهد الرمسة، وعن تجربتها في تعلم اللهجة المحلية تقول لـ«الإمارات اليوم»: «اخترت العيش في الإمارات، وجذبتني لهجة أهلها، وعباراتهم المليئة بالحب والتسامح التي كنت لا أفهمها، لكن كنت أستوعبها بمشاعري، ويوماً بعد يوم تعلقت بهذه البلاد الكريمة المضيافة»، مضيفة أنها لرغبتها في فهم الثقافة الإماراتية أكثر بحثت عن مدارس لتعليم اللهجة الإماراتية، وتقول «أرشدتني إحدى صديقاتي للدورات التي ينظمها معهد الرمسة، وتواصلت مع الإدارة للاطلاع على المعلومات والإجراءات اللازمة للالتحاق بالصفوف التعليمية التي يتم توفيرها لغير الناطقين بالعربية».

وتابعت التشيكية دانا: «بمجرد دخولي من بوابة المعهد زادت رغبتي في بدء أول محاضرة بكل حماس، فكل ركن في المكان يعكس ملامح الحياة الاماراتية، فصوله ذات ديكورات فريدة تجمع بين البيئات الثلاث التي تتلون بها طبيعة الإمارات الزراعية والبحرية والصحراوية، ومع كل حرف أتعلمه يزداد إصراري على تعلم المزيد، وإتقان هذه اللهجة وإن تطلب ذلك وقتا طويلا».

وتضيف دانا «رغم أنني مازلت في مراحل مبتدئة في تعلم اللهجة المحلية، فإنني أحرص عندما أدخل أي مكان فيه مواطنون على إلقاء السلام باللغة العربية، وتسعدني ابتساماتهم حين يسمعون مني بعض الكلمات والعبارات بلهجتهم الإماراتية، وتزداد سعادتي عندما يردون علي بلهجتهم دون الاعتماد على لغة أخرى في التواصل معي».

فرصة مثالية

يونس من زنجبار، عبّر عن سعادته بالالتحاق بصفوف معهد الرمسة واجتياز مرحلة كبيرة في تعلم مفردات اللهجة المحلية، قائلاً: «سعادتي بالعيش في الإمارات ورغبتي في البقاء وحبي لأهلها دفعتني لتعلم لغتهم، حتى لا أشعر بالغربة بينهم، وأكون جزءاً من هذا المجتمع المتواضع المتسامح، ومع أول محاضرة تحول هذا الشغف باللهجة إلى عشق لكل مفرداتها».

ويتابع: «الدراسة في المعهد فرصة مثالية لكثير من الأجانب غير الناطقين بالعربية الذين يقيمون في الإمارات فترات طويلة، ليجيدوا استخدام اللهجة في مناحي الحياة دون حاجة للتعمق في علوم اللغة العربية التي تعتمدها بقية مراكز اللغات».

جسور التواصل

عن أسباب إقباله على تعلم اللهجة الإماراتية، رغم أنه لا يواجه أي مشكلة في التعامل مع المواطنين والمقيمين باللغة الإنجليزية، يوضح الشاب الهندي أنيس أن «معرفة اللغات واللهجات تساعد الشخص ليكون أكثر فهماً لطبيعة البلد وأهلها والتعايش معهم دون الشعور بالغربة، ومنذ الأيام الأولى لقدومي إلى الامارات جذبتني ثقافتها وعادات أهلها وتقاليدهم، وحاولت كسر حاجز الصمت، والتواصل مع كل من أتعامل معه من جيران وزملاء في العمل، خصوصاً من المواطنين».

ويكمل: «تعلم لغة جديدة ليس هيناً، لذا واجهت صعوبات في البداية رغم معرفتي ببعض المفردات العربية، وبمرور الوقت صار الأمر أسهل، وأصبحت المحاضرات تجمع بين الفائدة والمتعة في آن». ويضيف أنيس «في فترة وجيزة أصبحت لدي قدرة على ترجمة كلمات كثيرة حين يتحدث أبناء الجنسيات العربية، وعلى الرد كذلك، مستوعباً مضمون الحوار، لذا أحرص يومياً على تكرار ما تعلمته من كلمات خلال رحلة عودتي إلي بيتي بعد الانتهاء من عملي».

تحاور وتفاهم

لم يتوقع الشاب الباكستاني عمران أن يأتي يوم يجيد فيه اللهجة الإماراتية، قائلاً: «تزداد سعادتي عندما أتحاور مع المواطنين وأعرفهم بنفسي دون اللجوء إلى اللغة الإنجليزية، وأحياناً لا أصدق نفسي حين أتبادل معهم الأسئلة وأخبرهم عن مكان عملي وأتفاعل معهم بلهجتهم، لذلك أحاول التفكير في اللغة العربية ولا أترجمها»، مضيفاً أنه يؤمن بأهمية «التفكير في اللغة والتعود عليها، وعدم ترجمتها حتى يخرج الكلام طبيعياً وغير متكلف».

ويكمل: «قصدت المعهد لأتعرف إلى بعض العبارات التي تسهل علي الحياة في الإمارات، لكن جذبتني اللهجة المحلية حتى أجدت التواصل بها مع زملائي وجيراني دون الاعتماد على الفصحى، ما مكنني من معرفة بعض العادات والتقاليد والأمثال الشعبية».

1000 طالب أجنبي

عبّرت المدير العام لمعهد الرمسة لتعليم اللهجة الإماراتية حنان الفردان، عن سعادتها بنجاحها في تعليم أكثر من 1000 طالب قواعد اللهجة المحلية قائلة: «لم أتوقع يوماً أن يتحول عشقي للهجتي الإماراتية إلى مركز لتعليمها، وبعد أربعة أعوام من الاجتهاد، وإيماننا برسالتنا، نجحت بالتعاون مع فريقي في أن يكون (معهد الرمسة) علامة تعليمية في الدولة، وينجح في تعليم مئات من أبناء الجنسيات الأجنبية، والإماراتيين أنفسهم الذين لم يتمكنوا من تعلم اللهجة من أبويهم بشكل جيد».

وتكمل: «بدأت متطوعة لتعليم زميلتي البريطانية في العمل بعض الكلمات والمصطلحات والجمل البسيطة الإماراتية، ووجدت زملائي في العمل ينضمون بشغف لجلساتنا، لمعرفة مزيد من المفردات، ما شجعني على إنشاء معهد متخصص لتعليم اللهجة المحلية، بهدف مد جسور التعاون والتعارف بين مختلف الشعوب بثقافاتهم المتعددة عن طريق تعليمهم اللغة العربية واللهجة المحلية».

طلاب في عمر الـ70

الفردان أوضحت أيضاً أن «المعهد يفتح أبوابه لاستقبال الراغبين في تعلم اللهجة، لذلك تتباين أعمار دارسيه ما بين طلاب في العشرين وآخرين في السبعين من المقيمين بشكل دائم في الدولة، وأغلبهم من الأطباء والمعلمين والمهندسين الذين يحرصون على تعلم اللغة للتواصل مع المرضى أو الطلاب أو العمال».

وتفسر الفردان أسباب إقبال الأجانب على تعلم اللهجة المحلية بأن «بعض الشباب وتحديداً أبناء البعثات الدبلوماسية أو رجال الأعمال من دول فرنسا وبريطانيا وجنوب إفريقيا، يجدون صعوبة في التحدث باللغة العربية الصعبة مع أصدقائهم، ما يدفعهم لتعلم اللهجة المحلية بغرض التواصل، إضافة لبعض محبي اللهجات المتباينة الذين يأتون إلينا لوقوعهم في عشق اللغة العربية ومفرداتها، لذلك حرصت على تدشين قناة للمعهد عبر (يوتيوب)، ووصلت عدد المشاهدات إلى أكثر من مليون مشاهدة، وهناك الآلاف من المتابعين للمقاطع المصورة التي نبثها بصورة دورية».

من «الألمانية» إلى «الإماراتية»

قالت حنان الفردان، إن طبيبة ألمانية تزور الدولة شهرياً لإجراء عمليات جراحية بمستشفى في إمارة دبي، جاءت إلى المعهد تطلب تعلم اللهجة المحلية، لتتمكن من الحديث مع مرضاها، وعلى الرغم من تقدمها في العمر، فإن شغفها لإتقان اللهجة كان كبيراً، حيث كانت تأتي لتلقي الدروس ثلاثة أيام شهرياً، لتتمكن في وفترة وجيزة من الإلمام بالكثير من المفردات والتعامل بها بشكل جيد مع المرضى.


المعهد يفتح أبوابه

لاستقبال الراغبين في

تعلم اللهجة من

المقيمين في الدولة.

 

تويتر