يحتوي على قطع ووثائق عمرها 4000 سنة

متحف برقة الأثري.. تاريخ في مواجهة التزوير

صورة

داخل منزل أثري في مدينة برقة غرب مدينة نابلس، إلى الشمال من الضفة الغربية، يسكن تاريخ عمره آلاف السنين، ففي زوايا ذلك المنزل دشّن الفلسطيني منتصر صلاح متحفاً، يضم قطعاً أثرية ومشغولات وأدوات تراثية، تروي في طياتها قصصاً وحكايات عن عصور وأزمنة طويلة.

أكثر من 5000 قطعة أثرية يعود عمرها إلى أكثر من 4000 سنة، جمعها صلاح على مدار ثلاثة عقود ماضية، ووضعها بشكل منظم داخل منزله الموروث عن والده، الذي يعد هو الآخر أحد المعالم التاريخية في مدينة برقة، إذ يعود عمره إلى أكثر من 1000 عام، بعد أن ورثه والده عن جده أيضاً.

ويسعى صلاح من خلال المتحف للوقوف ضد ممارسات التهويد الإسرائيلية، التي تطال حياة الفلسطينيين، وتاريخهم، وموروثهم الثقافي والحضاري، فمن خلال المتحف يرسّخ مفاهيم التراث عند الأجيال المتعاقبة، ويوثق محاولات الفلسطينيين للبقاء والصمود، ليحافظ على هويته على مر العصور.

مهمة تاريخية

منتصر صلاح:

- «هذا المتحف لأحافظ على تاريخنا حتى لا يسلب مرة رابعة وخامسة».

- «نعرض الحياة في البيت الفلسطيني كمقاعد القش وخابية الزيت».

«الإمارات اليوم» زارت متحف برقة داخل منزل الفلسطيني منتصر صلاح، ومنذ أن يطأ الزائر بقدمه أرض المتحف يبهره الاكتظاظ الكثيف للقطع الأثرية التي صُفّت بشكل منظم، فيما تُرى في زوايا المتحف مفاتيح أثرية، وكأنها أجراس لقرع الباب، وفي ركن آخر سيوف وعملات ورقية ومعدنية لعصور مختلفة، إضافة إلى وثائق تعود إلى الحقبة العثمانية، وكميات ضخمة ومتنوعة من الموجودات التراثية الخاصة بحياة الفلسطينيين التراثية.

ويقول منتصر صلاح وهو يتوسط قطعه الأثرية التي جمعها في متحفه، إن «حكاية افتتاح هذا المتحف بدأت مع والدي قبل 30 عاماً، من خلال جمع هذه القطع كنوع من الحفاظ على تراثنا الفلسطيني، وعقب وفاة والدي أكمل أخي الكبير جمع القطع، ولكن بفعل اعتقاله المتكرر من قبل إسرائيل، تسلمت أنا تلك المهمة التاريخية، حتى جمعت أكثر من 5000 قطعة، ومازلت أواصل ذلك حتى اليوم».

ويضيف أن مهمته لا تقتصر على جمع القطع فقط، وإنما يدون تاريخها وحكاية وجودها، ليوثقها بمعلومات مكتوبة، يكتبها بجانب كل قطعة، وأخرى شفوية يرويها لكل زائر.

ويشير إلى أن التنوع في القطع المعروضة وحكاياتها الموثقة بالمعلومات المرفقة لها، يجذب أكبر عدد من الزائرين، ليس فقط من نابلس، وإنما من كل مناطق الضفة الغربية، وكذلك السائحين الأجانب.

ويقول صلاح إن «الزائرين للمتحف باستطاعتهم التعرف إلى طبيعة المعيشة اليومية للإنسان الفلسطيني قبل النكبة، وذلك بفضل عرض كل مقومات الحياة في البيت والمطبخ الفلسطيني، كمقاعد القش، وخابية الزيت والقمح، وزير الماء، والأدوات والأواني التي كانت مستخدمة في تلك الحقب الزمنية».

وثائق تاريخية

لم يكتف صلاح بالمتحف لعرض القطع الأثرية والموجودات التراثية التي يجمعها على نفقته فحسب، بل امتد إلى ساحة منزله الخارجية، التي يزينها بمئات القطع التي تجسد مقتنيات القرى الفلسطينية، ومعالمها التراثية والحضارية. ويحتوي المتحف، بحسب صلاح، على أدوات فخارية ونحاسية، وأخرى زجاجية، إضافة إلى أدوات الطعام والشراب القديمة، وكذلك أدوات الزينة من الأقمشة واللوحات والرسومات الفنية، إذ بلغ عدد القطع المجموعة 6000 قطعة، بعضها معروض، والآخر لم يعرضه بعد، لعدم اتساع المكان.

كما تضم إحدى زوايا المتحف مكتبة أثرية، يوجد بها أكثر من 1200 كتاب، كما تحتوي على أوراق رسمية لممتلكات الفلسطينيين، ووثائق أخرى وجدت في الحقب القديمة لتنظيم حياة الناس وأعمالهم، كوثيقة خاصة بنقابة الحراثين الفلسطينيين، التي يعود تاريخها إلى أكثر من 3000 سنة. ويشير صلاح إلى أنه يعرض في متحفه وثائق تعود إلى عام 1922، والتي تثبت أن عدد اليهود الذين كانوا يعيشون في شمال الضفة الغربية في ذلك الحين لا يتجاوز 10 أشخاص فقط، وأنهم قلة كذلك في الأماكن الأخرى، وأوراق أخرى تؤكد مساعيهم الدائمة لتزوير التاريخ، وسرقة الأرض.

ويوضح أن هدفه من جمع تلك الوثائق هو الحفاظ على الموروث الثقافي والحضاري للمجتمع الفلسطيني، مضيفاً «هذا المتحف لأحافظ على تاريخنا حتى لا يُسلب مرة رابعة وخامسة، وحتى أوثق وأؤكد للجميع أن الفلسطينيين هم أصحاب التراث والتاريخ».

تويتر