أمسية «الإمارات للآداب» ضمت 6 شعراء بلغات مختلفة في غياب «الترجمة»

«أبيات من أعماق الصحراء».. الشعر من «فيستفال سيتي» إلى «بر» العوير

6 شعراء تناوبوا على القراءة بلغات مختلفة في ليلة شعرية مختلفة في بر دبي. تصوير: أحمد عرديتي

«أبيات من أعماق الصحراء» هو عنوان تلك الأمسية التي تتجدد سنوياً بحلول موعد مهرجان طيران الإمارات للآداب، الذي يحافظ في دورته السابعة على إقامتها باعتبارها الفعالية الأكثر ذيوعاً بين فعالياته المختلفة التي استقطبت هذا العام 130 شاعراً، في حين شهد الأمسية نحو 500 شخص، تطلعوا إلى تجربة الاستمتاع بشعر بلغات مختلفة في «البر».

سعيد النابودة: واجهة أخرى

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/03/277412.jpg

قال المدير العام بالإنابة لـ«هيئة دبي للثقافة والفنون»، سعيد النابودة، إن ما يميز فعالية أبيات من أعماق الصحراء هي هذا النسيج الثقافي المتباين الذي تخلفه عبر توحيدها من خلال «صوت الشعر»، وما يحمله من رؤى ومشاعر وخيالات إنسانية توحد بين أبناء الثقافات المختلفة، وهو نتاج يشبه صورة واقعية لدبي التي تبقى بمثابة ملتقى لثقافات العالم، ومحطة رئيسة فيه للتجانس والتعايش. وتابع: على الرغم من بلوغه عامه الثامن إلا أن المهرجان لايزال في طور التطوير، وفي كل دورة من الدورات يتم إقرار الفعاليات الأكثر نجاحاً وزخماً، من اجل تطويرها، مؤكداً على تقديم هيئة دبي للثقافة والفنون كل الدعم للمهرجان.

وأشار النابودة إلى أن «الإمارات للآداب» يعكس في جانب منه صورة صحيحة عن الوجه الثقافي لدبي، على المستوى العالمي، مضيفاً: «ضيوف المهرجان نخبة من الأدباء والمثقفين الذين سنجد انطباعات زيارتهم للإمارة بكل تأكيد حاضرة، ليس في أعمالهم الإبداعية فقط، بل أيضاً في محيطهم الاجتماعي والإعلامي المؤثر، وهذا ما لمسناه بالفعل خلال الدورات السابقة».


الترجمة لاتزال غائبة

أعرب عدد من الضيوف العرب والإعلاميين عن انزعاجهم من تجاهل «اللغة العربية»، وغياب الترجمة في محفل وسيلته الأولى هي الكلمة، رغم أن الموسيقى ظلت مصاحبة لمختلف القصائد الملقاة.

وعلى الرغم من التنويه المتكرر لوسائل الإعلام، وكذلك ضيوف المهرجان، بصدد ضرورة توفير آلية عملية لترجمة الأشعار التي تلقى ضمن فعالية «أبيات من أعماق الصحراء» التي تجمع شعراء بلغات متعددة، منها الصينية، إلا ان إشكالية غياب الترجمة هيمنت بشكل تام على انعقاد الأمسية، سواء من العربية أو بالعكس، ما جعل الضيوف الأجانب ايضاً معزولين عن منصة إلقاء الشعر بالعربية.

وتوقع الحضور، وكذلك وسائل الإعلام، ان تكون الترجمة النصية على الأقل متوافرة من خلال أوراق مطبوعة، حتى يستطيع حضور الأمسية من الناطقين بالانجليزية، على الأقل، فهم القصائد في ظل استحالة وجود ترجمة فورية بسبب طبيعة المكان.

واحتاج رواد المهرجان، الذين ارتبطوا بفعالياته في دبي فيستفال سيتي، استقلال حافلات تم توفيرها أمام فندق إقامة الوفود المختلفة في فندق إنتركونتيننتال، الذي شهد أيضاً مساء أول من أمس فعاليات شعرية وأدبية أخرى، من أجل تجربة تعاطٍ مختلف مع الشعر، في أجواء البادية، وتحديداً في «بر» منطقة العوير، المعروفة بمخيماتها وتفضيلها لعشاق رحلات السفاري والمغامرات.

وأقيمت الفعالية بحضور سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد، نائب رئيس​ مجلس الإدارة في «هيئة الثقافة والفنون في دبي»، نائب رئيس مؤسسة ​الإ​مارات للآداب، حيث تابعت سموها تناوب ستة شعراء على إلقاء الشعر بلغات مختلفة، وهم الإماراتي سيف السعدي، والفلسطيني مريد البرغوثي، والصيني يانغ ليان، والباكستانية امتياز داركار، والإثيوبي ليمن سيساي، والبريطاني نونياز وأوين شيرز، بالإضافة إلى الألماني فيكتور رودريغيز. وتناوب كل من الشاعرة الإماراتية خلود المعلا، والشاعر الإماراتي خالد البدور، إلقاء الشعر مع نخبة من الشعراء الضيوف، الذين ألقوا قصائدهم بلغاتهم الأصلية، فتنوعت لغات القصائد بين العربية والانجليزية والألمانية والصينية، فيما ظلت روح الشعر، والإحساس به واحداً، في أمسية جاور فيها الشعر إطلالة القمر على رمال منطقة العوير في دبي.

وجاءت بداية الأمسية من خلال فقرات فنية مختلفة، أبرزها نماذج من الأغنية الإماراتية طغت على أجواء المكان بجو فلكلوري خالص، زانته ايضاً إحدى الفرق الشعبية التي كانت في استقبال الضيوف الذين انشغلوا بالتقاط صور تذكارية في هذه الأجواء الإماراتية الخالصة.

وقدمت «دبي للثقافة» لمحات تعريفية تطرقت إلى بعض المظاهر الحياتية لسكان البادية الإماراتية، وتطور العيش فيها من قديم الأزل، وصولاً إلى مرحلة اكتشاف البترول، وما تلاها من نهضة شاملة في شتى المجالات. التماهي والانسجام بين الكلمة الشعرية واللحن الموسيقي كان حاضراً ايضاً في بعض قصائد الشعراء ضيوف الأمسية، الذين أكد كل منهم أنه مضطر للوقوع في فخ الانتخاب من بين جديده، مراعاة للزمن المحدد. وقال الشاعر مريد البرغوثي: «الوقت المحدد لي ثماني دقائق فقط، في حين أنني أحتاج إلى ثماني سنوات كي أحاول الاحتفاء بكم»، قبل أن يبحر في ثلاث قصائد متفاوتة، تنوعت بين الوجداني وما ينضح أنيناً بالاغتراب عن الوطن، وكانت أولى قصائده «لست نجماً لهذا الزمان».

ورغم حاجز اللغة إلا أن الموسيقى تدخلت لتنسج أجواء خاصة لقصيدة الشاعر الصيني، فيما سعى بعض الحضور الى الحصول على نسخة انجليزية لقصيدته، لم يتم توفيرها.

وكانت الفقرة المخصصة للشاعر الإثيوبي ليمن سيساي بمثابة دعوة للجميع كي يقترب أكثر من منصة إلقاء الشعر، بسبب التباين الصوتي والأداء الذي يقترب من الطابع الدرامي الذي ظهر عليه سيساي، وحالة الغضب والشجن التي تعتري صوته، وتتلون وتتنوع فجأة باختلاف المقاطع الشعرية.

فقرة الشاعر سيف السعدي كانت مناسبة للإبحار في عوالم الشعر النبطي، ابن هذه البيئة الصحراوية، حيث طارد الوقت أيضاً السعدي منذ البداية، وهو يسعى إلى انتخاب ثلة من جديده الشعري، بدأها بأبيات مهداة إلى صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.

وتطرّق السعدي بعد استهلال مهّد فيه إلى «زهد» الشعر في وصف محمد بن راشد، لأنه به «يسمو الشعر» و«يطيب» مقامه، قبل أن يتطرق إلى تعليل ذلك بصور خيالية مبتكرة، ومعانٍ تجمع بين السلاسة والعمق، فسموّه «جامعاً بين الفضيلة والبسالة»، حيث يتابع «جئت من أشرف سلالة»، «جذرها عدنان جذر المصطفى الهادي الأمين»، ليكون ختام الأبيات دعاء يحكمه القالب الشعري: «عشت رمزاً للعدالة».

تويتر