بيان غير رسمي منسوب إلى المهرجان يؤكد إلغاء التكريم

عاصفة من الهجوم على «القاهرة السينمائي» لعزمه على تكريم مخرج «مُطبّع»

صورة

«أنا سعيد للغاية بوجودي في تل أبيب، سعيد للغاية بوجودي في إسرائيل، أشعر دائماً بالقرب من هذا البلد، لقد كنت هنا مرات عديدة، وعندما أكون هنا أشعر بأنني في بيتي. إنها دولة أحبها كثيراً، وأقدّر دائماً حقيقة أنك تعيش في إسرائيل بصعوبة وانعدام للأمان».

تصريح أدلى به المخرج الفرنسي كلود ليلوش لإحدى الصحف الإسرائيلية الشهيرة، أثناء زيارته لإسرائيل في عام 2016، وكان هذا التصريح بمثابة قنبلة انفجرت في وجه القائمين على مهرجان القاهرة السينمائي، المزمع عقده الشهر المقبل، في دورته الـ40، برئاسة المنتج والسيناريست المصري محمد حفظي، لأن المهرجان قرر تكريم ليلوش في هذه الدورة.

قامت الدنيا ولم تقعد منذ الإعلان عن تكريم المخرج الفرنسي ليلوش، كونه من مشاهير التطبيع مع إسرائيل ومدّاحيها، وهو ما ترفضه بالطبع الأوساط المصرية الشعبية والفنية والسياسية والإعلامية، وشن رواد الـ«فيس بوك» حملات شرسة ضد رئيس المهرجان، رافضين تكريم المخرج الفرنسي.

وزاد اللغط عندما أعلن حفظي ومسؤولو المهرجان أن المخرج الفرنسي ليس مُطبّعاً، ولا يوجد ما يثبت ذلك، وتصريحاته للجريدة الإسرائيلية أثناء زيارته لإسرائيل لا تنم عن موقف سياسي معاد للعرب أو القضية الفلسطينية، بل تعد مجاملات جاءت في إطار بروتوكول الزيارات الرسمية للنجوم لا أكثر! إلا أن هذا الكلام لم يرض أياً من الآراء المعارضة، ولذلك طلب مسؤولو المهرجان «أن يأتي المعارضون بدليل يثبت تطبيع المخرج الفرنسي وصهيونيته، حسب التهمة التي ألصقت به».

واحتدت الأزمة لتصل ذروتها عندما خشي البعض أن يصل الكلام إلى المخرج الفرنسي، فثار المعارضون أكثر، واستفزّتهم فكرة «الخوف على مشاعر رجل اعتبروه مُطبّعاً، ويجب ألا يوجد في مصر».

لاحقاً صرح رئيس المهرجان محمد حفظي، لبعض المواقع المصرية الرسمية، بأن المهرجان لن يتراجع عن تكريم ليلوش، وأن موقف المهرجان ثابت، لأن الحديث عن كونه صهيونياً مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة، وأن الرجل يحب مصر، ورحب كثيراً بفكرة تكريمه في القاهرة، وليس لديه موقف معاد للعرب أو الإسلام.. وليس من المنطقي أن أي مخرج أو فنان زار الأراضي المحتلة نعتبره عدواً للعرب، ولو تصرفنا كذلك سنعيش في عزلة عن العالم، وليس أمامنا إلا أن نخاطب أنفسنا فقط.

تصريحات حفظي هذه أثارت عاصفة هجومية جديدة، استمرت على مدار الـ24 ساعة الماضية، حتى صدر، أمس، بيان منسوب للمهرجان، أعلن عن إلغاء تكريم المخرج الفرنسي كلود ليلوش.

وجاء في البيان: «كان المهرجان قد أخذ قرار التكريم بناءً على مسيرة المخرج الفنية المؤثرة، التي امتدت إلى ما يزيد على نصف قرن، قدم خلالها ما يزيد على 60 فيلماً روائياً وتسجيلياً وقصيراً، يعتبر بعضها من علامات السينما العالمية.ولما كان المهرجان ملتزماً بدوره الإنساني قبل الفني والسياسي، ومؤمناً بمسيرة طويلة، كان موقف المهرجان واضحاً خلالها تجاه دعم القضية الفلسطينية والشعوب العربية بشكلٍ عام، فإن اللجنة الاستشارية قامت بعقد اجتماع عاجل، لبحث المواد المنشورة التي تُلحق بليلوش اتهامات بالصهيونية، ولما كانت المواد المتوافرة إلى حين عقد الاجتماع مجرد حوار أجراه خلال استلام تكريم في إحدى الجامعات الإسرائيلية، يحمل عبارات ودودة تجاه مستضيفيه، فقد أطلق المهرجان دعوة عامة لجموع المثقفين لتزويدنا بما يُثبت انتهاج ليلوش موقفاً سياسياً معلناً معادياً للقضية الفلسطينية.

ونتيجة للدعوة، تلقى المهرجان فوراً العديد من المواد المهمة، وعلى رأسها ما يتعلق بزيارة قام بها المخرج لإسرائيل عام 1990 لأسباب غير فنية، هذه الزيارة لم تكن معروفة أو مثارة قبل عقد الاجتماع، وتختلف كثيراً في سياقها وأغراضها عن أي زيارة فنية أو ثقافية اعتاد معظم الفنانين العالميين القيام بها لدولة إسرائيل.وبناءً عليه، ونظراً لما يبثه الأمر من شك حيال استحقاق ليلوش لتكريم مرتبط بالقيم الراسخة لمهرجان القاهرة السينمائي، وعلى الرغم من تقديرنا له على المستوي الفني، واعترافنا بقيمته كمبدع، إلا أننا رأينا أن من الأفضل إلغاء تكريمه بجائزة تحمل اسم فاتن حمامة، نظراً لمواقفه السياسية». الغريب أنه رغم تسريب هذا البيان على صفحات الـ«فيس بوك»، لم يخرج مسؤول واحد من مهرجان القاهرة ليؤكد صحة البيان من عدمه، وقمنا مراراً وتكراراً بالاتصال بمحمد حفظي، رئيس المهرجان، لتوضيح صحة البيان من عدمه، إلا أنه أغلق هاتفه المحمول!

ويرى البعض أن البيان المسرب على صفحات الـ«فيس بوك» ما هو إلا توريط لحفظي، حتى يرغم على إلغاء تكريم ليلوش، بناءً على الرغبة الجماعية من معظم صناع السينما والجمهور أيضاً.


رئيس المهرجان:

المخرج ليس مُطبّعاً، و«مديحه لإسرائيل» لا ينم عن موقف سياسي معادٍ للعرب.

توقعات بأن يكون البيان المسرب مجرد توريط لحفظي حتى يرغمه على إلغاء تكريم ليلوش.

تويتر