غــــاز غـــزة أحــد أسباب العـدوان الإســـــــــــرائيلي

خبراء جيولوجيون أشاروا إلى أن احتياطات حقول غزة قد تكون أكبر بكثير من القيم المعلنة حالياً. أرشيفية

من بين الأهداف السياسية والعسكرية والديموغرافية العديدة التي يسعى لتحقيقها الغزو الإسرائيلي لغزة ربما لم يفطن الكثيرون إلى البعد الاقتصادي والجيوستراتيجي المتمثل في رغبة إسرائيل في السيطرة على احتياطات الغاز الطبيعي الضخمة الموجودة قبالة سواحل غزة والتي تقدر بنحو 1.4 تريليون قدم مكعبة، وفقاً لتقديرات أوردتها شركة «بريتش غاز»، إلا أن تقديرات الخبراء الجيولوجيين تشير إلى أن الحجم الحقيقي للاحتياطات ربما يكون أكبر من ذلك بكثير، وفقاً لصحيفة «صنداي تايمز» البريطانية.

وذكرت دراسة زيوبيديا ـ التي تصدر عن إحدى المنظمات العالمية المناهضة للصهيونية ـ أن إسرائيل تنظر إلى وقوع هذه الاحتياطات الضخمة من الغاز الطبيعي في أيدي الفلسطينيين بصفة عامة، وفي يد حماس بصفة خاصة، على أنه تهديد خطير لأمنها القومي، ليس فقط من منظور الموارد المالية الضخمة التي ستتدفق على الفلسطينيين بسبب بيع الغاز، والتي ستستخدم من وجهة النظر الإسرائيلية في تمويل ما تسميه بالإرهاب الفلسطيني، وإنما أيضاً لأنها تعني رهن أمن الطاقة الإسرائيلي للنفوذ الفلسطيني.

ويهدف المخطط الإسرائيلي للاستيلاء على احتياطات الغاز الطبيعي الفلسطيني، بحسب الدراسة، إلى دمج الاحتياطات الفلسطينية من الغاز في منظومة الطاقة الإسرائيلية عبر إقامة محطة برية لتكثيف الغاز وربطها عبر خط أنابيب يمتد تحت مياه البحر إلى ميناء «عسقلان» الذي يشكل مع مينائي إيلات وحيفا رؤوس أضلاع مثلث الطاقة الإسرائيلي، بحيث يكون ذلك خطوة أولى لربط هذه الشبكة مع محطة جيهان التركية والتي تمثل نقطة البداية في مشروع أنابيب القوقاز الذي يمتد عبر «جيهان» التركي إلى «تبليسي» الجورجية و«باكو» الأذربيجانية.

ويرى صانعو القرار في إسرائيل، بحسب الصحيفة، أن دمج الاحتياطات الفلسطينية في منظومة الطاقة الإسرائيلية وربطها بالسوق العالمية سيعطي إسرائيل مزيداً من القوة في علاقاتها الخارجية وبصفة خاصة مع أوروبا.

وفضلاً عن المكاسب الاستراتيجية العديدة التي يمكن أن تجنيها إسرائيل من وراء السيطرة على الغاز الفلسطيني، تطمح إسرائيل في خفض تكلفة توليد الكهرباء من خلال الاعتماد على الغاز الطبيعي بدلاً من الفحم الذي يستخدم لتوليد 70٪ من إجمالي الكهرباء، ويأمل صانعو القرار في إسرائيل من توظيف مصادر الطاقة الرخيصة في زيادة القدرة التنافسية للاقتصاد الإسرائيلي.

وتكتسب المساعي الإسرائيلية من أجل السيطرة على احتياطات الغاز الفلسطيني أهمية كبرى في ظل قرار القضاء المصري ببطلان اتفاقية بيع الغاز الطبيعي إلى إسرائيل بأسعار تقل عن أسعار السوق، وتشكل كميات الغاز المستوردة من مصر، التي تقدر بنحو 7.1 مليارات متر مكعب سنوياً، المصدر الأساسي لتوليد نحو 20٪ من إجمالي الطاقة الكهربائية في إسرائيل.

صراع تاريخي

يعود الصراع على احتياطات الغاز الفلسطيني إلى عام ،1999 وهو العام الذي وقعت فيه السلطة الفلسطينية تحت حكم الرئيس الراحل ياسر عرفات اتفاق امتياز تنقيب لمدة 25 عاماً مع شركة «بريتش غاز» وشركة «كونسولديتيد كونتراكتورز»، المملوكة لعائلتي صباغ وخوري في لبنان.

ويغطي الامتياز إجمالي الواجهة البحرية لقطاع غزة، وتمكنت شركة «بريتش غاز» في عام 2000 من اكتشاف حقلين بحريين للغاز الطبيعي، هما «غزة مارينا 1» و«غزة مارينا 2» مستفيدة من البيانات السيزمية ثلاثية الأبعاد التي حصلت عليها، والتي تغطي أكثر من 1000 كيلومتر.

وبعد وفاة الرئيس عرفات وفوز حركة حماس في الانتخابات وتراجع دور السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، بدأت إسرائيل تشعر بأهمية السيادة على حقول الغاز الفلسطينية.

وكان انتخاب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون في عام 2001 نقطة تحول في الصراع من أجل السيطرة على احتياطات الغاز الطبيعي الفلسطيني، وأقدم شارون على رفع دعوى قضائية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية لوقف صفقة بيع الغاز المستخرج إلى إسرائيل»، مشيراً إلى أن «احتياطات الغاز الطبيعي الموجودة في غزة ملك لإسرائيل، وكان الهدف الإسرائيلي يمر عبر مراحل عدة، أولها السعي إلى إلغاء الاتفاق الموقع بين السلطة الفلسطينية والشركة البريطانية.

وفي عام 2003 أوقف شارون بالفعل صفقة كان من المفترض أن تقوم بموجبها «بريتش غاز» ببيع الغاز المستخرج من غزة إلى إسرائيل.

ونشــــرت صحيفة التايمز البريطانيـــة في 23 يناير عام 2007 أن رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت، توني بلير، تدخل لصالح إسرائيل وعرقل صفقة بين «بريتش غاز» ومصر لبيع الغاز الطبيعي المستخرج من غزة، وذلك بعد أيام من انتخاب حماس.

مناورات إسرائيلية

وعلى الرغم من أن مجلس الوزراء الإسرائيلي أقر في مايو 2007 اقتراحاً بشـراء ما قيمته أربعة مليارات دولار من الغاز الفلســـــطيني بشرط أن يحصل الجانب الفلســـطيني على مستحقاته في صورة سلع وخدمـــات وليست نقوداً، إلا أن المخابرات الإسرائيلية والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية تمكنتا من إجهاض الصفقة في آخر لحظة استناداً إلى أسباب أمنية.

وبدلاً من ذلك، أمر مجلس الوزراء الإسرائيلي في النصف الثاني من العام الماضي، أي بالتوازي مع التحضيرات العسكرية التي كانت إسرائيل تقوم بها للهجوم على غزة، بتشكيل فريق تفاوضي للدخول في مفاوضات جديدة مع «بريتش غاز» وتجاوز كل من حماس والسلطة الفلسطينية.

وفي مواجهة الألاعيب الإسرائيلية، اضطرت الشـــــركة البريطانية إلى الانسحاب من المفاوضات مع الحكومة الإســــرائيلية من أجل بيع الغاز المستخرج من حقول غزة البحرية، وفي يناير من العام الماضي اضطرت الشركة إلى إغلاق مكتبها في إسرائيل.

تويتر