«العمل عن بُعد» يوفر فرصاً خارج القيود الجغرافية

اقتصاد العالم.. مهنيون يواجهون مزيداً من المنافسة ويعتمدون على «الحظ»

شركات وظفت أشخاصاً يعيشون على مسافة قريبة من مقر العمل. أرشيفية

لدى بعض المهنيين الذين يمكنهم العمل عن بُعد فرصاً موسعة، مع إمكانات لزيادة أجورهم، لكنهم في الوقت نفسه يواجهون مزيداً من المنافسة، ويعتمدون بشكل أكبر على «الحظ»، وهو ما يطرح تساؤلاً عن الرابحين والخاسرين عندما تستطيع الشركات التوظيف من أي مكان.

عدم مساواة

تشير الأبحاث إلى أن الشيء الوحيد الذي لا مفر منه في عالم التوظيف، هو زيادة حدة عدم المساواة في سوق العمل. ويقول الاقتصادي البارز، البروفيسور شيروين روزين، إن «تمكين المهنيين من الوصول إلى سوق عمل عملاقة عبر تكنولوجيا العمل عن بُعد، أدى إلى استحواذ عدد أقل من هؤلاء المتخصصين البارزين على مزيد من الفرص».

وأوضح أن «دخل المعلمين، على سبيل المثال، كان محدوداً ومقيداً بعدد الطلاب الذين يمكن تدريسهم داخل فصل دراسي واحد. لكن اليوم، عبر منصة «Udemy» للتعلم عبر الإنترنت، فإن بعض المعلمين كسبوا ملايين الدولارات من الدورات التي أنشأوها، خصوصاً بعد أن أدى الإغلاق الناتج عن جائحة (كوفيد-19) إلى زيادة التسجيل على تلك المنصة بنسبة 425%. إلا أنه على الرغم من ذلك، فإن الغالبية العظمى من المعلمين في (Udemy) لا تقترب من تلك الأرباح، ما يؤكد أن توزيع الدخل غير متكافئ».

ثورة المعلومات

تقول صحيفة «نيويورك تايمز» إنه عندما يتوسع السوق، فإن الفوائد لا تعود بالتساوي على جميع المشاركين فيه، وهي ديناميكية حقيقية في مجالات تتجاوز التدريب والتعليم. ففي وقت مبكر من عام 1995، لاحظ الاقتصاديان روبرت إتش فرانك، وفيليب جيه كوك، أن هياكل الدخول العالية الشائعة سابقاً في قطاع الترفيه أصبحت أكثر انتشاراً في مجموعة متنوعة من المهن الأخرى، إذ جنى بعض المحامين والأطباء والاستشاريين والمصرفيين والمديرين أكثر من أي وقت مضى، بينما شغل عدد أقل من زملائهم وظائف متوسطة الدخل.

وعزا الاقتصاديان تلك التغييرات إلى ما أسمياها «ثورة المعلومات»، التي توفر «نفوذاً متزايداً لمن يشغلون المناصب العليا، وبالتالي توفر مساحة أقل للآخرين».

ووفقاً لدراسة أخرى أجريت في عام 2020 من قبل خبراء الاقتصاد: ديفيد أوتور، وكلوديا غولدين، ولورنس إف كاتز، فإن عدم المساواة في الدخل على مدى العقدين الماضيين، تركز داخل مجموعات متجانسة تعليمياً. فبعض الموظفين الحاصلين على تعليم جامعي جنوا أرباحاً أكثر من أي وقت مضى أكثر من معظم أقرانهم. والسبب هو إسهام التكنولوجيا في تمكين الشركات من زيادة الإنتاج والدخل، مع الاعتماد على موظفين أقل ولكن أكثر تخصصاً.

خيارات التوظيف

على الرغم من أهمية التكنولوجيا، فإن تأثيرها في العديد من المهن مقيّد بالجغرافيا. فمعظم الشركات وظفت أشخاصاً يعيشون على مسافة قريبة من مقر العمل، وبالتالي تم تحديد حجم سوق العمل، ووضع سقف لخيارات التوظيف أو القدرة على ضم موظفين ذوي مهارات أكثر تخصصاً. وقد تم تخفيف قيود الجغرافيا الآن بعد أن تبنى وادي السيليكون والصناعات الأخرى العمل عن بُعد. ففي يونيو الماضي، أخبرت شركة «غوغل» الأميركية موظفيها أنها ستخفض رواتب الذين يختارون العمل عن بُعد، أو الانتقال بعيداً عن مقر العمل، الذي يؤدي تجنبه إلى توفير تكاليف التنقل.

وأظهر تحليل لمجلة «إيكونوميست» أن حصة الوظائف عن بُعد في الولايات المتحدة وصلت إلى 75% في عام 2021، ارتفاعاً من 35% قبل «كوفيد-19»، ونحو 13% قبل عقد من الزمن.

وقال الخبير الاقتصادي، أوستن جولسبي، إن «الشركات وجدت في ذلك طريقة لاسترداد أي مكاسب محتملة للعمال خلال الـ40 عاماً الماضية. لكن بالنسبة لمعظم العاملين في مجال التكنولوجيا، فإن العمل عن بُعد يعني التنافس في مجموعة أكبر بكثير من المرشحين المؤهلين على قدم المساواة، وكثير منهم يقيمون في مدن ودول منخفضة الدخل».

تويتر