كل يوم

قانون غريب!

سامي الريامي

قانون الموارد البشرية لحكومة دبي يساعد الموظف غير المنتج ويحميه، بغض النظر عن كون هذا الموظف مواطناً أو غير مواطن، ويكبل الدائرة في حال رغبتها في التخلص منه وتعيين موظف آخر أكثر إنتاجاً، وفي الوقت ذاته فهو قانون يبعث الإحباط ولا يحفز أبداً الموظف المتميز، لذلك فهو يسير عكس تيار توجهات دبي، التي شكلت علامة فارقة في عالم الجودة والتميز على المستوى العالمي، وليس المحلي أو الإقليمي!

ليس في ذلك تحامل على القانون، ولكنها حقائق أثبتتها الممارسة العملية في جميع الدوائر المحلية، فعلى سبيل المثال هناك مدير عام في دائرة محلية أراد إلغاء وظيفة لعدم فاعليتها وجدواها، لذا من الطبيعي أن ينهي خدمات الموظف -غير المواطن- الذي كان يشغل الوظيفة، ولكن ذلك المدير فوجئ بأن الموظف قدّم شكوى للجنة التظلمات، التي بدورها قبلت الشكوى، وأعادت الموظف إلى تلك الوظيفة غير المرغوب فيها، رغم أنف المدير العام، وكان من الأجدر أن تقوم اللجنة بالتحقق من جدوى وجود الوظيفة، وصحة قرار الدائرة بإلغائها من عدمه!

ليس هذا فحسب، بل إن القانون بشكل عام يحرّم على أي دائرة إنهاء خدمات أي موظف، سواء كان مواطناً أو وافداً، ولأي سبب حتى وإن كان ضعيف الأداء، وكسولاً خاملاً غير منتج، إلا بعد إجراءات طويلة لا تقل عن عامين، فهل يُعقل ذلك؟ هل يُعقل أن تستمر الدوائر رغماً عنها في تحمل هذه النوعية السيئة من الموظفين، وتتحمل رواتبهم لمدة لا تقل عن عامين، أليس في ذلك هدر للمال أولاً، وإحباط للموظفين المتميزين ثانياً؟!

أمّا جانب التحفيز والترقيات فهو الجانب الأكثر إحباطاً في القانون، فالترقية محددة بنسبة 5% فقط، والترقية الاستثنائية لا تتجاوز 10% من الراتب الإجمالي لنهاية المربوط، وبالتالي فإن مبلغ الترقية زهيد جداً، قد لا يتجاوز مئات الدراهم لمعظم الموظفين، وهو بالتأكيد لا يرقى إلى درجة تحفيز الموظف المتميز، بل العكس من ذلك يسبب له إحباطاً قد يمنعه من العمل على تطوير أدائه ومواصلة تميزه!

والغريب هنا أنه إذا توافر شاغر رئيس قسم مثلاً في دائرة ما، بسبب خلو المنصب لأي سبب كان، فإنه من الأفضل لها أن تعيّن على هذا الشاغر موظفاً جديداً من خارج الدائرة، بدلاً من ترقية أي موظف آخر مستحق ومتميز من داخل الدائرة، لأنه في هذه الحالة لن يحصل على راتب ومزايا الدرجة الوظيفية الشاغرة، في حين سيحصل عليها كاملة من يأتي من خارج الدائرة، فهل نتخيل معاً حجم الصدمة والإحباط وغياب التحفيز الذي تحمله شروط الترقيات؟ أي منطق غريب هذا؟ وأي فكر وضع مثل هذه البنود؟!

هذه البنود الغريبة، دفعت الدوائر إلى اختلاق قطاعات وإدارات وأقسام في الهيكل لترقية الكفاءات والحفاظ عليهم من التسرّب، وهي بالتأكيد محقة في ذلك، لأنها لا تملك خيارات أفضل، لكن ذلك يزيد العبء المالي على الميزانية العامة للحكومة، وهو أمر لم يلتفت إليه من وضع القانون، وكان من الأفضل تعديل نظام الترقيات، وجعلها تتناسب مع طموحات الموظفين المتميزين، بدلاً من دفع الدوائر دفعاً للبحث عن تجاوزات تتحايل بها على القانون!

والأغرب أنه حتى مع وجود المادة «81» بشأن العلاوة الدورية المالية للموظفين، التي هي في الأساس مبلغ زهيد جداً، إلا أنها لم تُصرف إلا مرة واحدة في عام 2007، قبل أن تختفي ويتم تعطيلها وإيقافها منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا، فأيّ تحفيز نبحث عنه في هذا القانون؟!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر