كل يوم

نقطة التحول في العلاقة مع قطر!

سامي الريامي

منطقياً، وأخاطب هنا تحديداً الإخوة القطريين البسطاء، المخدوعين من تدليس وكذب وتزوير وسائل الإعلام، سواء القطرية، أو تلك المدفوعة الأجر من الدوحة، منطقياً، لا يوجد مبرر عقلاني يجعل السعودية والبحرين والإمارات تقاطع قطر دون سبب، ومنطقياً أيضاً لا يمكن أبداً أن تكون هذه المقاطعة من أجل التعدي على سيادة واستقلال وحرية قطر، إن كان المتحدث بذلك مجنوناً، فليكن المستمع عاقلاً!

تاريخياً تربطنا علاقة اجتماعية وثيقة جداً بقطر، وأتحدث هنا عن الإمارات تحديداً، نحن وإياهم إخوة وأولاد عم، وبين شعبي البلدين روابط وشيجة، وصلة قربى ودم مشترك، ولا يكاد يخلو بيت إماراتي من وجود قريب أو صهر أو خالة أو عمة في قطر أو العكس، بل إن قطر كانت أقرب في يوم ما أن تكون جزءاً لا يتجزأ من الاتحاد الإماراتي، بسبب قوة العلاقة بين الشعبين والبلدين، لذلك لن يحدث ما حدث دون أسباب قوية جداً، والأسباب ليست مجهولة، بل معلومة ويعرفها الجميع، وبما أن القيادة القطرية لم تلقِ بالاً لهذه العلاقة التاريخية الاجتماعية، فليس من المنطقي أن تضحي الإمارات ومثلها السعودية والبحرين بأمنها وأمان شعبها في سبيل مجاملة قطر!

أما أسطوانة التعدي على سيادة قطر، فهي بالفعل أسطوانة مشروخة، فسيادة كل دول المجلس أمر مفروغ منه، ولم تتعدَّ أي دولة خليجية على سيادة غيرها منذ تأسيس المجلس، بل إن هناك اختلافات عدة في سياسات دول المجلس الخارجية، والجميع يقرّها، ولكل دولة حريتها، فسياسات الكويت الخارجية ليست كسياسات السعودية، وسياسات عُمان تختلف عن سياسات البحرين، والإمارات أيضاً تحفظت على بعض قرارات دول المجلس في يوم ما، كل ذلك كان مقبولاً، وفي إطار الممارسات السيادية لكل دولة، وكل ذلك لم يُحدث أي شقّ أو فرقة أو فتنة بين الدول، بل هي ممارسات طبيعية، وهي حق مشروع لكل دولة، أقرّته دول المجلس كافة، لذلك فالعزف على هذا الوتر مرفوض وغير مقبول، لأنه غير حقيقي، ولا يمت للواقع السياسي الخليجي بصلة!

ألا يستدعي ذلك أن يسأل كل قطري عاقل نفسه، بينه وبين نفسه على أقل تقدير، ماذا حدث؟ وأين نقطة التحول؟ وما التغيير الحقيقي الذي دفع بالعلاقات القطرية الخليجية بشكل عام، والإماراتية تحديداً للوصول إلى هذا المستوى الذي لم يكن يتخيله أحد؟!

نقطة التحول كانت في عام 1995 تحديداً، حيث بداية السياسات القطرية الغامضة، وبداية اللعب على التناقضات، وبداية المؤامرات والدسائس، منذ ذلك العام، بدأت الحكومة القطرية تتصرف بعدائية غريبة تجاه إخوانها وجيرانها!

بدأ كل ذلك مع انقلاب حمد بن خليفة، وسيطرته على مقاليد الحكم في قطر، لا علاقة لنا بذلك، فالانقلاب قضية قطرية داخلية، لكن أليس من الغريب أن تسعى قطر بعد تغيير نظام الحكم فيها لزعزعة أمن واستقرار بقية الدول الخليجية؟! هذا ليس افتراء أو تحاملاً، هذه حقيقة تاريخية مثبتة بالأدلة، ومسجّلة بتسريبات صوتية لن يمحوها التاريخ من أي ذاكرة خليجية!

نعرف أهل قطر الطيبين الأوفياء خير معرفة، هؤلاء لم يكونوا يوماً شتّامين بذيئين، ولم ينزلقوا يوماً إلى مستويات رديئة جداً من الكذب والتطاول والتلفيق، هذه الممارسات تأتي من أولئك المتحزبين أو المتعاطفين معهم، فهؤلاء اكتسبوا تلك الصفات من أولئك الغرباء الذين دخلوا الدوحة، ووجدوا الترحيب والحماية والدعم والمال من الحكومة القطرية الجديدة، التي لجأت إليهم لترضي غرورها، وطموح حمد بن خليفة غير المشروع، في الانتقام من جيرانه وأصدقاء والده، فأحدثوا التغيير في سياسة ولهجة قطر تجاه إخوانها، وأحدثوا الشرخ والفتنة، والنتيجة هي ما نراه اليوم من عُزلة قطرية، ومقاطعة خليجية، فلا تلومونا يا أهل قطر، ولوموا حكومتكم التي باعت الجيرة والأخوة، وارتمت في أحضان الغرباء!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر